ثم تنمو شجرته وتكبر ، لكنها تنقسم بشكل متباين فتكون شعبتين : إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا ، وتذهب كل منهما في طريق ! أما فرع : شَاكِرًا ، فيكون كشجرة طيبة أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ . تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( سورة إبراهيم : 24 - 25 ) . وأما فرع كَفُورًا ( كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَالَهَا مِنْ قَرَارٍ ) . ( سورة إبراهيم : 26 ) ثم تبدأ السورة بآيات قوس النزول البشري ، وقوس الصعود الإنساني فتختصر آيات الأشرار السافلين بآية واحدة : إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلاسِلا وَأَغْلالاً وَسَعِيرًا ولكنها تفصل في آيات الأبرار العالين بنحو عشرين آية : إِنَّ الأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا . . . الآيات ! لقد استعمل الله تعالى في آيات خلق الإنسان كلمة ( أحسن ) مرتين ، لخلق بدن الإنسان ولخلق نفسه ، في قوله تعالى : ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ . ( سورة المؤمنون : 14 ) وفي قوله تعالى : لَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ( سورة التين : 4 ) أما في سورة الإنسان فقد بين تعالى كيف يصل الإنسان صاحب أحسن تقويم إلى أعلى درجات الكمال ، فما لم يصل الإنسان إلى هذه الدرجة لا يصل العالم إلى كماله . أما أهل أعلى درجات الكمال الإنساني في سورة الإنسان فهم أصحاب : " إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا " ، فهؤلاء هم أصحاب : وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى . الَّذِي يُؤْتي مَالَهُ يَتَزَكَّى . وَمَا لأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزَى . إِلا ابْتِغَاءَ