لِلْمُتَّقِينَ ( سورة آل عمران : 138 ) وبياناً في قوله تعالى وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَئٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ ( سورة النحل : 89 ) كما بيََّن مسار الإنسان في خطين ، خط صعود وخط نزول ، وقسم الناس لذلك إلى سالكين في طريق التكامل أو متسافلين ، وخص كلاً منهما بآيات . وسمى أول سورة من القرآن تتحدث عن خلق الإنسان وطغيانه ، باسم سورة العلق ! كما سمى سورة باسم سورة الإنسان ، تحدث فيها عن أعظم مراتب الكمال في الإنسان ، وأعلى قوس الصعود في تكامله ، وجمع فيها خلاصة ما أنزله عن الإنسان في البضعة وخمسين مورداً ! هَلْ أَتَى عَلَى الإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً . إِنَّا خَلَقْنَا الإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعاً بَصِيراً ( سورة الانسان : 1 - 2 ) . فأين الذي يقرأ القرآن بفكر ثاقب يتدبر القرآن ؟ إن سورة الإنسان تعني سورة العالم ، كل عالم الإمكان ! وهي من أكبر حجج الله على خلقه ، وهي بناء رباني يتحدث عن الإنسان ذلك الكائن العجيب الذي بناه الله تعالى بقدرته : وتزعم أنك جرم صغير * وفيك انطوى العالم الأكبر لقد لخص الله العالم في آدم عليه السلام ، ثم فصَّل حال آدم وبنيه في تكاملهم وصعودهم ، وتسافلهم ونزولهم ! ثم لخص قضيتهم في سورة الإنسان ! ففي سورة العلق تحدث عن مبدأ خلق الإنسان من علقة . وفي سورة الطارق تحدث عن خلق الإنسان من ماء دافق : فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ . خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ . يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ( سورة الطارق : 5 - 7 ) فتراه يتناول الموضوع من هذه الزاوية ، أو تلك ، ويجمع المفصل ،