المسألة الثالثة : قوله ( إلا المودة في القربى ) فيه منصب عظيم للصحابة لأنه تعالى قال ( والسابقون السابقون أولئك المقربون ) فكل من أطاع الله كان مقرباً عند الله تعالى فدخل تحت قوله ( إلا المودة في القربى ) . والحاصل أن هذه الآية تدل على وجوب حب آل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب أصحابه ، وهذا المنصب لا يسلم إلا على قول أصحابنا أهل السنة والجماعة الذين جمعوا بين حب العترة والصحابة . وسمعت بعض المذكرين قال إنه صلى الله عليه وسلم قال : ( مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ) . وقال : ( أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم ) ، ونحن الآن في بحر التكليف وتضربنا أمواج الشبهات والشهوات ، وراكب البحر يحتاج إلى أمرين : أحدهما السفينة الخالية عن العيوب والثقب . والثاني الكواكب الظاهرة الطالعة النيرة ، فإذا ركب تلك السفينة ووقع نظره على تلك الكواكب الظاهرة ، كان رجاء السلامة غالباً ، فكذلك ركب أصحابنا أهل السنة سفينة حب آل محمد ، ووضعوا أبصارهم على نجوم الصحابة ، فرجوا من الله تعالى أن يفوزوا بالسلامة والسعادة والآخرة . ثم تابع الرازي : ولنرجع إلى التفسير : أورد صاحب الكشاف على نفسه سؤالاً فقال : هلاَّ قيل إلا مودة القربى أو إلا مودة للقربى ، وما معنى قوله ( إلا المودة في القربى ) ؟ وأجاب عنه بأن قال جعلوا مكاناً للمودة ومقراً لها كقولك لي في آل فلان مودة ولي فيهم هوى وحب شديد ، تريد أحبهم وهم مكان حبي ومحله ) . انتهى كلام الرازي ، وقد زاد على ما قاله الزمخشري ، واستعمل قدرته على التفنن في تضييع حق آل البيت الطاهرين عليهم السلام ، وتضعيف حديث سفينة نوح الصحيح ، وتقوية الحديث الذي اعترفوا بوضعه : أصحابي كالنجوم !