وحدثني عمرو الناقد قال : حدثني الحجاج بن أبي منيع الرصافي عن أبيه عن أبي برقان قال : ولما كانت سنة عشر وماءتين أمر أمير المؤمنين المأمون عبد الله بن هارون الرشيد فدفعها إلى ولد فاطمة ، وكتب بذلك إلى قثم بن جعفر عامله على المدينة : أما بعد فإن أمير المؤمنين بمكانه من دين الله وخلافة رسول الله صلى الله عليه وآله وللقرابة به أولى من استنَّ سنة ونفذ أمره ، وسلم لمن منحه منحة وتصدق عليه بصدقة منحته وصدقته ، وبالله توفيق أمير المؤمنين وعصمته ، وإليه في العمل بما يقربه إليه رغبته . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعطى فاطمة بنت رسول الله فدك وتصدق بها عليها ، وكان ذلك أمراً ظاهراً معروفاً لا خلاف فيه بين آل رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولم تزل تدعي منه ما هو أولى به من صدق عليه ، فرأى أمير المؤمنين أن يردها إلى ورثتها ويسلمها إليهم تقرباً إلى الله تعالى بإقامة حقها وعدله ، وإلى رسول الله بتنفيذ أمره وصدقته . فأمر بإثبات ذلك في دواوينه والكتاب به إلى عماله : فلان كان ينادى في كل موسم بعد أن قبض الله نبيه ( ص ) أن يذكر كل من كانت له صدقة أو وهبة أو عدة ذلك ؟ فيقبل قوله وينفذ عدته ! وإن فاطمة رضي الله عنها لأولى بأن يصدق قولها فيما جعل رسول الله صلى الله عليه وآله لها . وقد كتب أمير المؤمنين إلى المبارك الطبري مولى أمير المؤمنين يأمره برد فدك على ورثة فاطمة بنت رسول الله بحدودها وجميع حقوقها المنسوبة إليها ، وما فيها من الرقيق والغلات وغير ذلك ، وتسليمها إلى محمد بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، ومحمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، لتولية أمير المؤمنين إياهما القيام بها لأهلها ، فأعلمَ ذلك من رأي أمير المؤمنين وما ألهمه الله من طاعته ، ووفقه له من التقرب إليه وإلى رسوله ، وأعلمه من قبلك وعامل محمد بن يحيى ومحمد بن عبد الله بما كنت تعامل به المبارك الطبري وأعنهما على ما فيه عمارتها ومصلحتها ، ووفور غلاتها إن شاء الله والسلام . وكتب يوم الأربعاء لليلتين خلتا من ذي القعدة سنة عشر وماءتين . فلما استخلف المتوكل أمر بردها إلى ما كانت عليه قبل المأمون ! وهذا قليل من كثير مما جاء في قصة فدك مع شدة حرص حفاظ آل أمية وأنصار