السيل ولا يرقى إلي الطير . فسدلت دونها ثوباً ، وطويت عنها كشحاً ، وطفقت أرتئي بين أن أصول بيد جذاء ، أو أصبر على طِخية عمياء ، يهرم فيها الكبير ، ويشيب فيها الصغير ، ويكدح فيها مؤمن حتى يلقى ربه ! فرأيت أن الصبر على هاتي أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا ، أرى تراثي نهبا ) . وفي نهج البلاغة : 2 / 202 : ( ومن كلام له عليه السلام : اللهم إني أستعديك على قريش ، فإنهم قد قطعوا رحمي ، وأكفأوا إنائي ، وأجمعوا على منازعتي حقاً كنت أولى به من غيري وقالوا : ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تمنعه ، فاصبر مغموماً أو مت متأسفاً ، فنظرت فإذا ليس لي رافد ولا ذاب ولا مساعد ، إلا أهل بيتي ، فضننت بهم عن المنية ، فأغضيت على القذى ، وجرعت ريقي على الشجى ، وصبرت من كظم الغيظ على أمر من العلقم ، وآلم للقلب من حز الشفار ! ) . * * ( 3 ) في أمالي المفيد ص 281 : عن علي بن الحسين بن علي ، عن أبيه الحسين عليهم السلام قال : لما مرضت فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وآله وأوصت إلى علي صلوات الله عليه أن يكتم أمرها ، ويخفي خبرها ، ولا يؤذن أحداً بمرضها ، ففعل ذلك . وكان يمرضها بنفسه ، وتعينه على ذلك أسماء بنت عميس رحمها الله ، على استسرار بذلك كما وصت به . فلما حضرتها الوفاة وصت أمير المؤمنين عليه السلام أن يتولى أمرها ، ويدفنها ليلاً ويعفي قبرها . فتولى ذلك أمير المؤمنين عليه السلام ودفنها ، وعفى موضع قبرها ، فلما نفض يده من تراب القبر ، هاج به الحزن ، فأرسل دموعه على خديه ، وحول وجهه إلى قبر رسول الله صلى الله عليه وآله فقال : السلام عليك يا رسول الله مني ، والسلام عليك من ابنتك وحبيبتك ، وقرة عينك وزائرتك ، والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار لها الله سرعة اللحاق بك . قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ، وضعف عن سيدة النساء تجلدي ، إلا أن في التأسي لي بسنتك ، والحزن الذي حل بي بفراقك موضع التعزي ، فلقد وسدتك في ملحود قبرك ، بعد أن فاضت نفسك على صدري ، وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي . نعم وفي كتاب الله أنعم القبول : إنا لله وإنا إليه راجعون . لقد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة ،