فكيف صار أصبر الصابرين ؟ يتضح ذلك من قوله عليه السلام : فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجى ! فهل رأيت شخصاً في العالم يصبر على شوكة في عينه ، أو عظمة في حلقومه ؟ ! لقد صبر عليٌّ عليه السلام على أمور من هذا النوع ، وصبر على أمور هي : أحدُّ من حزِّ الشِّفَار ! فهل رأيت شخصاًً يحزُّون لحمه بالشفار ويصبر ؟ ! ( 2 ) إن المعصوم لا يبالغ في كلامه ! نعم ، هذا الرجل الفريد ، الصابر الأول في العالم ، الذي لم تستطع خيبر أن تخضعه ، ولا استطاع الخندق أن يحني ظهره ، الذي أمضى ليلة المبيت على فراش النبي على هولها فلم يخف . . نراه في ليلة موت فاطمة عليها السلام منكسراً لا حيلة له ، يخاطب النبي صلى الله عليه وآله فيقول : قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري ! إنها شكوى لم يشكها إلى أحد ! فلم يكن عنده من يبث اليه ما لاقاه ، إلا الذي خاطبه بهذه الآهات ! يقول بذلك : نعم ، أنا الذي صبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى ، وصبرت على أحدِّ من حزِّ الشفار ، لكني اليوم معذور إذا لم أصبر هنا ! لماذا ؟ قال : بعين الله تدفن ابنتك سراً ! ( 3 ) ماذا جرى حتى دفنت فاطمة الزهراء ليلاً ؟ ماذا حدث حتى وصلت الأمور بسرعة إلى هذا الحد ؟ ! إنها حوادث لا يستطيع الإنسان المسلم أن يغمض عينيه عنها ، إلا أن يكون في إسلامه خلل ! وهل يمكن لإنسان أن يؤمن بنبوة النبي صلى الله عليه وآله ، ثم يتساهل في مظلومية فاطمة الزهراء والصديقة الكبرى سيدة نساء العالم ، وحرمة الله ورسوله في