وفصل في الرباط ، والرباط ورد ذكره في القرآن في قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ . ( سورة آل عمران : 200 ) ، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة ، وهو محل إجماع فرق المسلمين . فالمرابطة عمل يلي الجهاد ، وقد بلغ من أمر الجهاد أن من يخرج من بيته بنيته فهو لا يخلو من أمرين : إن رجع إلى أهله رجع مغفوراً له كيوم ولدته أمه ، وإن مات فقد وقع أجره على الله تعالى : وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ( سورة النساء : 100 ) وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ . ( سورة آل عمران : 169 ) . والرباط الذي يلي مرتبة الجهاد ، منه رباط للقوات العسكرية على حدود بلاد المسلمين ، يحفظون ثغورها من هجمات الأعداء ، ومنه هذا الرباط المميز الذي حثكم عليه الإمام الصادق عليه السلام ، وهو رباط العلماء على ثغور عقائد الإسلام ، وهو رباط من أفضل أنواع الجهاد ، لأنه رباط على ثغور التشيع الذي حدوده قلوب ضعفاء المسلمين ، وعدوه المقابل إبليس وعفاريته المضلون ! وفي كلامه عليه السلام لطائف كثيرة لا يمكننا استيعابها ، وكما قال هو عليه السلام : حديث تدريه خير من ألف حديث ترويه . ( معاني الأخبار للصدوق ص 2 ) ، لكن واجبي أن أقدم لكم عصارة الفقه والأحاديث التي فيها سعادة الدنيا والآخرة ، حتى أسقط مسؤوليتي الشرعية ، ولا يقال لي غداً : لماذا لم تقل ؟ إن الذين يقومون بتنظيم برنامج حياتهم حسب كلامه عليه السلام ، فنتيجة عملهم الفريدة ليس محلها الدنيا ! لكنهم سوف يدركون ماذا ينتظرهم عند ربهم ، فهم في الدنيا يذوقون حلاوة عملهم ، وهذه السعادة العليا لا ينالها كل أحد ،