عندما تذهبون وتريدون أن تتحدثوا إلى الناس حببوهم بالله تعالى ، قوُّوا علاقتهم به وحبهم له ، فبذلك تحببون الله تعالى بخلقه . . كيف ؟ طريق ذلك أن تقرؤوا بابين : باباً في آلاء الله ، وباباً في نعمائه : ذكرهم بآلائي ونعمائي . . هذا هو إعجاز كلام الأئمة عليهم السلام . لقد قرأتم في كتب المقدمات أن الآلاء هي المواهب المعنوية ، والنعماء هي المواهب الظاهرية . . والإنسان المبلغ للدين يجب أن يكون عالماً بآلاء الله تعالى ونعمائه ، لابد له أن يعرف عالم ملك كل إنسان وعالم ملكوته ، وطريق ذلك التعمق والغور في الأحاديث . ذكروا الناس بما أعطاهم الله تعالى في ظاهرهم وفي باطنهم ، ولا تحتاجون إلى شئ غيره ، فبهذا تفتِّحون أكمام ورودهم ، وتيقظون فيهم فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ( سورة الروم : 30 ) . أحيوا فيهم ذلك العشق الكامن في أعماق فطرة الناس لخالقهم ، فإن أحييتم حبهم له ، صاروا مطيعين لربهم ، وصاروا محبوبين له . وبذلك تكونون حببتم الناس بربهم ، وحببتموه بهم . وإذا ذهب أحدكم شهراً للتبليغ فليعاود ذلك مرة أخرى ، وإن طبَّق ما سنذكره إجمالاً ، فسوف تتحول شخصيته إلى إكسير ، أين منه الذهب ؟ ! وطريق ذلك هذه الرواية الشريفة التي لا يتسع المجال لشرحها ، فلنكمل قراءة ألفاظها : فلئن ترد آبقاً عن بابي أو ضالاً عن فنائي . . إن تفعل واحداً من هذين : ترد إنساناً آبقاً هارباً من ربه ، أو ترشد إنساناً ضالاً عن رحاب ربه إلى فنائه ! لاحظوا أن المتكلم هو الله تعالى ، والمستمع نبي الله موسى عليه السلام ، والموضح