وكذلك النعمة العملية في بناء الإرادة البشرية وتحقيق عدالة الكتاب الإلهي لا تتم إلا بمن يجسدها ويعلمها للناس . قد نجدُ من يدعي أنه يستطيع تحقيق العدالة الإلهية التي نزل بها القرآن ! لكن الواقع أن تحقيق العدالة القرآنية النظرية والعملية ، الفردية والاجتماعية . . إنما يستطيع تطبيقها من وصل في تحقيق العدالة مع نفسه إلى أن يقول : والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعير ما فعلت . ! فمثل هذه الإرادة ، هي التي تستطيع أن تحقق الحكمة العملية القرآنية ، وتعلمها للبشرية ! الذي يحق له أن يقول إنه يطبق العدالة القرآنية ، هو فقط الذي كان يملك بلاد كسرى وكثيراً من بلاد قيصر وخيراتها وكنوزها ، ومع ذلك كان طعامه خبز شعير وملح ، وربما سمح لأولاده أن يضيفوا اليه شيئاً من لبن ! فقد كان يقول : إن الله فرض على أئمة العدل أن يساووا أنفسهم بضعفة الناس . . . أوَ أرضى بأن يقال لي أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الدهر ! أأبيتُ مبطاناً وحولي بطونٌ غرثى وأكبادٌ حرَّى ، ولعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له بالقرص ، ولا عهد له بالشبع ؟ ! ( 3 ) هذا عن طعام أمير المؤمنين عليه السلام ، أما عن ملبسه فكان يلبس الكرابيس ، وهو نوع من الثياب العادية لعامة الناس ! ولم يختلف ملبسه طوال عمره ، في فقر مرَّ عليه أو غنىً ، وحتى عندما كانت تحت يده خزائن الدولة الإسلامية المترامية الأطراف ، وكان قسم من الناس يعيشون السعة والثروة ، كان ملبسه نفس ملبس خادمه قنبر ! بل كان يخص قنبر بالقميص الأجود الذي سعره ضعف سعر قميصه ، يقول إنه شاب ينبغي أن يفرح ! اليوم أكملت لكم دينكم . . أكمله بهذا العالم الرباني الذي يستطيع أن يتناول