ثم جلسوا ، فابتدر الشيخ البهائي في نقل بعض القضايا والأبحاث ، وهكذا إلى أن أورد بحثا في التفسير عويصا ، فتكلم عليه بعبارة سهلة فهمها الجميع ، ثم دقق العبارة حتى لم يفهم ما يقوله إلا البوريني ، ثم أغمض في العبارة فلم يفهم حتى البوريني . هذا والجمع صموت جمود ، لا يدرون ما يقولون ، غير أنهم يسمعون تراكيب واعتراضات وأجوبة تأخذ بالألباب . عندها نهض البوريني واقفا على قدميه فقال : إن كان ولا بد فأنت البهائي الحارثي ، إذ لا أحد اليوم بهذه المثابة إلا هو . فاعتنقا ، وأخذا في إيراد أنفس ما يحفظان . وسأله الشيخ البهائي كتمان أمره ، وافترقا ، ولم يقم بعدها ، بل رحل إلى حلب [1] . ويذكر العرضي [2] في ترجمته قال : قدم ( حلب ) مستخفيا في زمن السلطان مراد بن سليم [3] ، مغيرا صورته بصورة رجل درويش ، فحضر درس الوالد الشيخ عمر [4] ، وهو لا يظهر أنه طالب علم ، حتى فرغ من الدرس . فسأل الوالد عن أدلة تفضيل الصديق على المرتضى ، فذكر أحاديث منها حديث " ما طلعت الشمس " وغيرها . فرد عليه ، ثم ذكر أشياء كثيرة تقتضي التفضيل للمرتضى ، فشتمه الوالد ! ! ! وقال له : رافضي شيعي ، وسبه وسكت ! !
[1] خلاصة الأثر 3 : 443 ، وانظر : سانحات دمى القصر 2 : 127 . [2] أبو الوفاء بن عمر بن عبد الوهاب الشافعي العرضي ، عالم فاضل ، مشارك ، مفتي الشافعية بحلب ، له : معادن الذهب في الأعيان المشرفة بهم حلب ، طريق الهدى ، شرح الألفية ، حاشية على أنوار التنزيل ، وغيرها . توفي سنة : 1071 ه - 1661 م . كشف الظنون 1 : 148 / هدية العارفين 2 : 288 / ريحانة الألبا 1 : 269 رقم 39 خلاصة الأثر 1 : 148 / معجم المؤلفين 13 : 165 وغيرها . [3] هو السلطان مراد بن السلطان سليم بن السلطان سليمان القانوني المتوفى 4 ج 1 سنة 1003 . [4] تقدمت ترجمته صحيفة : 4 .