وهذه نادرة تدلنا على مدى ما للمظاهر من تأثير في النفوس ، وهي حادثة جرت للشيخ في دمشق الشام مع الشيخ البوريني الصفوري [1] يحكيها لنا المحبي [2] وخلاصتها : أن الشيخ البهائي لما ورد دمشق نزل عند بعض التجار الكبار في محلة الخراب ، واجتمع مع صاحب الروضات في مزارات تبريز الحافظ حسين الكربلائي القزويني التبريزي [3] . ثم إن الشيخ طلب من مضيفه الاجتماع بالشيخ البوريني ، فأعد التاجر دعوة تأنق فيها ، ودعا غالب أهل الفضل من محلته ومنهم البوريني . دخل البوريني المجلس ، والبهائي بهيئة السياح متصدرا له ، والجمع محدق به بأدب . عجب البوريني من ذلك ، لعدم معرفته وسماعه بقدوم الشيخ ، فلم يعبأ به ، ونحاه عن مجلسه ، وجلس فيه غير ملتفت إليه ، شارعا في بث معارفه إلى أن حانت صلاة العشاء .
[1] بدر الدين ، الحسن بن محمد بن محمد البوريني الشافعي ، ولد في قرية صفورية ، وهاجر إلى دمشق ، ومنها إلى بيت المقدس ، اشتغل بالدرس والوعظ في مدارس ومساجد الشام ، كان عالما محققا ، فصيح العبارة ، طليق اللسان ، له : تراجم الأعيان ، ديوان شعر ، ومن بديع شعره : يقولون : في الصبح الدعاء مؤثر * فقلت : نعم ، لو كان ليلي له صبح ومنه أيا قمرا بت في ليل هجره * أراقب أسراب الكواكب حيرانا خبأتك في عيني لتخفى عن الورى * لذلك قالوا : إن في العين إنسانا ويروى الشطر الثاني : وما كنت أدري أن للعين إنسانا مات سنة 1024 ه . خلاصة الأثر 2 : 51 / ريحانة الألبا 1 : 42 . [2] محمد أمين بن فضل الله المحبي الحموي الدمشقي ، مؤرخ أديب شاعر ، مشارك ، له : نفحة الريحانة ، خلاصة الأثر ، ديوان شعر ، وغيرها توفي سنة 1111 ه - 1699 م . سلك الدرر 4 : 86 / معجم المؤلفين 9 : 78 / هدية العارفين 2 : 307 [3] أنظر الذريعة 11 : 279 رقم 1711 و 280 رقم 1714 .