ولذلك فإن تسمية الأحاديث - المنقولة بأخبار الآحاد - بالسنن ، ونسبتها إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الأخطاء الخطيرة ، وهي تسمية متأخرة ومخالفة لمنهج القدماء ، كما هي مخالفة لاستعمالات أهل البيت عليهم السلام وشيعتهم ، كما سبق . وقد اتفقت كلمة الفقهاء القدماء من الشيعة على " أن الخبر الواحد لا يفيد علما ولا عملا " [1] في باب الشريعة . والسر في ذلك ما ذكرنا من أن السنة تشريع إلهي ، والشريعة لا بد أن تكون
[1] قال الشيخ الإمام المفيد في مختصر أصول الفقه ( ص 44 ) فأما خبر الواحد القاطع للعذر ، فهو الذي يقترن إليه دليل يفضي بالناظر فيه إلى العلم . . . فمتى خلا خبر الواحد من دلالة يقطع بها على صحة مخبره فإنه كما قدمناه ليس بحجة ، ولا يوجب علما ولا عملا على كل وجه . وقال في أعلاه : والحجة في الأخبار ما أوجبت العلم من جهة النظر فيها بصحة مخبرها ، ونفي الشك فيه والارتياب ، وكل خبر لا يوصل بالاعتبار إلى صحة مخبره فليس بحجة في الدين ولا يلزم به عمل على حال . وقال المرتضى في الذريعة ( 2 / 517 ) : إعلم أن الصحيح أن خبر الواحد لا يوجب علما ، وكرره ( ص 53 ) وقال ( ص 554 ) قد دللنا على أن خبر الواحد غير مقبول في الأحكام الشرعية وانظر الذخيرة ( ص 355 ) . وقال في مسألة في إبطال العمل بأخبار الآحاد : " إن العلم الضروري حاصل لكل مخالف للإمامية أو موافق : بأنهم لا يعملون في الشريعة بخبر لا يوجب العلم ، وأن ذلك صار شعارا لهم يعرفون به . ثم قال : واعلم أن معظم الفقه نعلم ضرورة مذاهب أئمتنا فيه بالأخبار المتواترة ، فإن وقع شك في أن الأخبار توجب العلم الضروري ، فالعلم الذي لا شبهة فيه ولا ريب يعتريه حاصل ، كالعلم بالأمور الظاهرة كلها التي يدعي قوم أن العلم بها ضروري . راجع المسألة ، المطبوعة في رسائل المرتضى ( 3 ص 309 وص 312 ) وذكر نحو هذا في جوابات المسائل التبانيات المطبوعة في المجموعة الثانية من رسائل المرتضى ( ص 24 و 26 ) وقال في جوابات المسائل الموصليات الثالثة : أبطلنا العمل في الشريعة بأخبار الآحاد ، لأنها لا توجب علما ولا عملا ، وأوجبنا أن يكون العمل تابعا للعلم . رسائل المرتضى المجموعة الأولى ( ص 202 ) . وقال الشيخ الطوسي في العدة ( 1 / 290 ) والذي أذهب إليه : أن خبر الواحد لا يوجب العلم ثم ذكر قرائن تدل على صحة متضمن أخبار الآحاد ، ولا يدل على صحتها أنفسها في ( ص 372 ) . ثم قال : فمتى تجرد الخبر عن واحد من هذه القرائن كان خبر واحد محضا . . . وإن لم يكن هناك خبر آخر يخالفه : وجب العمل به ، لأن ذلك إجماع منهم على نقله ، فينبغي أن يكون العمل به مقطوعا عليه ( ص 373 ) . وقال ( ص 275 ) : وأما الخبر إذا ظهر بين الطائفة المحقة وعمل به أكثرهم وأنكروا على من لم يعمل به فإن كان الذي لم يعمل به علم أنه إمام ، أو الإمام داخل في جملتهم ، علم أن الخبر باطل ، وإن علم أنه ليس بإمام ولا هو داخل معهم علم أن الخبر صحيح ، لأن الإمام داخل في الفرقة التي عملت بالخبر .