نام کتاب : التوحيد والشرك في القرآن نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 215
فلا بأس " [1] . والحق أن الحديث الذي تمسك به الوهابيون لا يدل على حرمة شد الرحل إلى زيارة القبور ، والأماكن والمشاهد المشرفة ، وذلك لأن الاستثناء الوارد في الحديث مفرغ قد حذف فيه المستثنى منه ، فكما يمكن أن يكون تقدير المستثنى منه : " لا تشد الرحال إلى مكان من الأمكنة " يمكن أن يكون تقديره : " لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد " . ولكن المتعين هو الثاني لكون الاستثناء متصلا وهو يقتضي تقدير " المسجد " بعنوان المستثنى منه ، لا غيره . إن الضرورة قاضية بجواز شد الرحال إلى طلب التجارة ، وإلى طلب العلم ، وإلى الجهاد ، وزيارة العلماء والصلحاء ، وإلى التداوي والنزهة ، وأن المسلمين في مواسم الحج يشدون الرحال إلى عرفة والمزدلفة ومنى ، وإلى أماكن كثيرة ، ومع ذلك فكيف يمكن أن يقال : إن المراد هو " لا تشد الرحال إلى مكان من الأمكنة إلا إلى هذه الثلاث " ؟ ! . والحاصل أنه لا يشك من عنده أدنى معرفة باللغة والتراكيب العربية في أن المراد بقوله " لا تشد الرحال " أي لا ينبغي أن يسافر المرء إلى مسجد غير هذه المساجد لا أنه لا يسافر إلى مكان مطلقا . هذا مضمون الحديث ومعناه ومع ذلك لا يفهم من هذا الحديث وأشباهه حرمة السفر إلى باقي المساجد ، بل هي ظاهرة في أفضلية هذه المساجد على ما عداها بحيث بلغ فضلها أن تستحق شد الرحال والسفر إليها للصلاة فيها . وأما سائر المساجد فليس لها هذا الشأن ، لأن المترقب من الثواب حاصل
[1] الرسالة الثانية من الرسائل الموسومة ب " الهدية السنية " .
215
نام کتاب : التوحيد والشرك في القرآن نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 215