نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 8
ليست التقية شبيهة بالقدر الذي كان يراه معاوية ويرجع إليه والحثالة من أنصاره وأتباعه على طول التاريخ ، كلما أرادوا التملص من جناية ارتكبوها أو ذنب اقترفوه ، ليكون في ذلك الرجوع عذرا مقبولا يسعهم في ارتكاب ما شاءوا من الموبقات تحت ذريعة القدر ! كما أنها ليست دعوة إلى نشر ما يوجب ضعف العزيمة والوهن ، ولا دعوة لزرع اليأس والقنوط في نفوس المؤمنين لكي تتعطل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . وهل رأيت مفهوما إسلاميا ثابتا - كالتقية - يدعو إلى ذلك ؟ كيف والدين الحنيف لم تبرح مفاهيمه محلقة وحدها في سماء الخلود ، خافقة عليها ألوية النصر والنجاح ، وتخترق بصوتها كل الآفاق حيث يحمله الهواء الطلق ؟ فالتقية ليست نداء لترك تعاليم الدين طمعا في عيش زائل وحقير ، ولا جبنا ولا هلعا وخوفا إذا ما اتصل الأمر بحماية الدين أو ارتبط بمصلحة المجتمع الإسلامي ومنفعة الأمة وحفظ كيانها ، بل ستكون حينئذ تقية على الدين بوقايته وحفظه بالمضي قدما على طريق الجهاد وبذل كل غال ونفيس ، واقتحام الأخطار ولو كان حتف المتقي فيها . وأما التقية في حفظ النفوس والأعراض والأموال في غير تلك الحال ، فإنما تكون بالسبل المتاحة شرعا ، ولا ضير في ذلك فهي تقية تصب في خدمة الدين من طريق آخر ، وليست كما يتصورها الجهلاء خروجا عن المسؤولية ، وهل رأيت دينا قام بلا نفوس ، وأهيب جانبه بالمذلة والفقر ؟ إن الإسلام العظيم لم يشرع شيئا عبثا ، ولن يضره ما يلقيه المشنعون على مفاهيمه الراقية من الشبه شيئا ، حتى وإن توثقوا من تمكين جملة
8
نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 8