نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 49
التقية لأجله ، والأول من كتمان الحق المنزه عنه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، والثاني لا ريب فيه ، وهو الذي نعتقده في خصوص آية التبليغ ، وبيان ذلك : إن الوعيد والإنذار الموجه إلى النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بقوله تعالى : ( وإن لم تفعل فما بلغت رسالته ) ظاهره الوعيد والإنذار وحقيقته معاتبة الحبيب لحبيبه على تريثه بخصوص الولاية ، وليس المقصود من الآية تهاون النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أمر الدين أو عدم الاكتراث بشأن الوحي وكتمانه ، فحاشا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك ، ولا يقول هذا إلا زنديق أو جاهل . نعم ، آية التبليغ تدل على تريث النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم بعض التريث لجسامة التبليغ الذي جعله الله تعالى موازيا لثقل الرسالة كلها ، ريثما يتم له صلى الله عليه وآله وسلم تدبير الأمر بتهيئة مستلزماته ، كجمع حشود الصحابة الذين رجعوا من حجة الوداع وكانوا يزيدون على مائة ألف صحابي ، مع تمهيد السبيل أمام هذه الحشود الكثيرة لكي تقبل مثل هذا التبليغ الخطير ، خصوصا وإن فيهم الموتورين بسيف صاحب الولاية أمير المؤمنين عليه السلام ، فضلا عن المنافقين ، والذين في نفوسهم مرض والأعراب الذين أسلموا ولما يدخل الإيمان في قلوبهم ، ولا شك أن وجود تلك الأصناف في مكان واحد مدعاة للخشية على حاضر ذلك التبليغ ومستقبله . فالتريث - أو سمه التقية إن شئت - لم يكن خوفا على النفس من القتل ، بل كان تقية لأجل التبليغ نفسه والحرص على كيفية أدائه بالوجه الأتم ، إذ تفرس النبي صلى الله عليه وآله وسلم في وجوه تلك الأصناف من الصحابة مخالفته ، فأخر التبليغ إلى حين ، ليجد له ظرفا صالحا وجوا آمنا تنجح فيه دعوته ولا يخيب مسعاه ، فأخذ صلى الله عليه وآله وسلم يعد للأمر أهبته ، ومنها طلب الرعاية الإلهية لنصرة هذا التبليغ نفسه من تلك الجراثيم المحدقة ، كما يدل عليه
49
نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 49