نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 18
للحق ، ونعني بها صلة الألفاظ بأفعال القلوب التي لا سبيل للمكره إلى علمها في قلب المكره ، وعليه فلا يصح التجاء المكره إلى شئ منها قط ، كما لو أكره على كلمة الكفر ، أو على الإعتقاد بعقيدة فاسدة ، أو إنكار كل ما ثبت أنه من الدين إنكارا قلبيا لا لفظيا . فمثل هذه الأمور ونظائرها يجب الاحتراز فيها جدا ، بحيث لا يتعدى النطق باللفظ إليها ، لأنها مما لا يصح فيه الإكراه ، فغاية الأمر : إن المكره يريد التخلص من الشر بإتيان اللفظ المخالف للحق ، لا أن يؤمن بما يتلفظ به حقيقة . وقد أشار القرآن الكريم إلى هذا المعنى صراحة في قوله تعالى : ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شئ ويحذركم الله نفسه وإلى الله المصير ) ( 1 ) . ومما يلحظ هنا هو أن التحذير الشديد الوارد في الآية المباركة قد جاء مباشرة بعد تشريع التقية في الآية نفسها ، ثم أكده تعالى بقوله الكريم : ( قل إن تخفوا ما في صدوركم أو تبدوه يعلمه الله ويعلم ما في السماوات وما في الأرض والله على كل شئ قدير ) ( 2 ) . وكل هذا التحذير قد جاء في سياق واحد بعد تشريع التقية ، لئلا يتحول إنكار المؤمن للحق بفعل الإكراه إلى إنكار قلبي كما يريده من أكرهه ، لأن الواجب أن يبقى القلب مطمئنا بالإيمان . وفي هذا الصدد قال الفخر الرازي في تفسيره : ( إنه تعالى لما نهى
1 ) سورة آل عمران : 3 / 28 . 2 ) سورة آل عمران : 3 / 29 .
18
نام کتاب : التقية في الفكر الإسلامي نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 18