نام کتاب : التعليقة على الفوائد الرضوية نویسنده : القاضي سعيد القمي جلد : 1 صفحه : 68
الله فحسب ، وهذا كفر محققي الصوفية ، حيث زعموا أنه سبحانه ظهر بصورة كل شئ ، فهذا الزاعم أخفى الشئ الذي هو السوي - أي العالم - وهو الكفر بالشيطان . ولا تتوحش من ذلك ، فإنه أعلى درجات بالنظر إلى قوم ، ولكن ( حسنات الأبرار سيئات المقربين ) ( 1 ) . قال " صاحب الفتوحات " : إن العالم غيب لم يظهر قط ، والحق هو الظاهر ما غاب قط ، والناس في هذه المسألة على عكس الصواب ، فإنهم يقولون : إن الحق تعالى غيب والعالم هو الظاهر ، فهم بهذا الاعتبار في مقتضى هذا الشرك ( 2 ) . أقول : قد غفل هذا العارف عن الشرك اللازم من زعمه ، حيث حكم بظهور الحق تعالى وخفاء العالم ، وهو أيضا من أنحاء الشرك الخفي ، وأما الإيمان الحقيقي : فهو الاعتقاد بأن الله هو الظاهر الباطن ، والشاهد الغائب ، فهو الظاهر إذا طلبته في البطون ، وهو الباطن إذا تفحصت عنه في الظهور ، وهو المنزه عنهما إذا طلبته بكليهما ، وأن العالم ظاهر بالله خفي بذاته ، فتعرف فإنه باب عظيم للتوحيد . اللهم إلا أن يقال : إن مراد " صاحب الفتوحات " بالظهور هو الاستيلاء على الظاهر والباطن ، وبخفاء العالم هو العدم الصرف الذاتي والليس المحض الإمكاني . وبالجملة : فالطائفة الأولى يقولون ببطونه تعالى فقط ، والطبقة الثانية يقولون بظهوره عز شأنه فحسب . وهذان الكفران كلاهما جناحان للإيمان الحقيقي ، وهو اعتقاد أنه تعالى هو الظاهر الباطن ، بمعنى أن ظهوره من حيث بطونه ، وأن بطونه عين ظهوره ، وأن خفاءه بمحض ظهوره ، وهو الذي استولى على ظواهر الأشياء