نام کتاب : التعليقة على الفوائد الرضوية نویسنده : القاضي سعيد القمي جلد : 1 صفحه : 140
العالم ( 1 ) وليس ذلك كما اشتهر بين أصحاب الإشراق ، فإن وجود الصورة المقدارية بدون المادة بين الاستحالة ، بل إنما يتيسر فهم ذلك بعد ما تحققت العارف العظيم الشأن مع كثرة غوره في مباحث علمية وعرفانية كيف ذهل عن هذه الدقائق ؟ وهذه الغفلة والذهول صارت منشأ للرد في كثير من المباحث العلمية على شيخ مشايخ أرباب الحكمة والمعرفة صدر صدور الحكماء والمتألهين رضي الله تعالى عنه وليس هاهنا مقام ذكرها وتفصيلها . ولقد أشير إلى ما ذكرنا في لباس الرمز في الكتاب الإلهي بقوله : * ( وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ) * ( 2 ) فإن مقتضى سريان الحياة في شراشر دار الآخرة - التي أول منزلها العالم البرزخي المضاهي للعالم المثالي ، وبإزائه في قوس الصعود كما هو مقابله في قوس النزول - أن لا يكون فيها المادة الجسمية التي هي مبدأ لكل موت وليست فيها حياة أصلا . وأشير إلى ذلك أيضا في النبوي المشهور : ( الدنيا مزرعة الآخرة ) ( 3 ) فإن الدنيا إذا كانت مزرعة للآخرة كانت الآخرة دار الحصاد ، فإذا كانت الآخرة دار الحصاد لم يكن فيها قابلية وهيولوية ، فإن الهيولى بذاتها محل الزرع ، ووجودها بلا زرع لغو وعبث تعالى عن أن يكون في ملكه اللغو والعبث . وهاهنا أسرار ورموز بعضها راجعة إلى أحوال أهل البرزخ والقيامة من السعداء والأشقياء وكيفية الانتقالات الواقعة في الدار الآخرة ، ليس هاهنا محل ذكرها ورخصة إفشاء أمرها ، ولعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ، ووفقنا لوضع رسالة فيها فردا .