نام کتاب : التعليقة على الفوائد الرضوية نویسنده : القاضي سعيد القمي جلد : 1 صفحه : 114
فحينما تتفرق أجزاء البدن تبطل الصور والكيفيات ويتصل جوهره إلى كلية الأجرام . وأما الثالثة : فلما كانت مجردة غير مقدرة ، فليس لها فساد ولا امتزاج ، فيجب أن تعود حين المفارقة إلى الأصل الذي بدأت منه بطريق المجاورة ، لأن المجردات والأنوار القدسية لها مقام معلوم لا تتخطاه إلى غيره كما قال تعالى عنهم : * ( وما منا إلا له مقام معلوم * وإنا لنحن الصافون ) * ( 1 ) وإن شئت زيادة الاستبصار في هذا المنهاج فاعتبر بحكاية المعراج وعدم تجاوز جبرئيل مقامه في سلوك السبيل ( 2 ) . وأما الرابعة : فلما لم يكن لها ولادة ولا يعتريها فساد فلا عود لها إلا بالكمال إلى العقل الذي بدأت هي منه ، بأن تصير عقلا محضا في اليوم الذي برزت فيه البواطن ، ورجعت الفروع إلى الأصول الكوامن ، وحشرت وحوش الجزئيات المتفرقة في بوادي الأمكنة وقوافل الأزمنة إلى أرض الكليات ، وعادت المعلولات إلى عللها الثابتات . وبالجملة : هذه النفس الرابعة هي التي نحن بصدد شرحها في هذا الخبر . قوله : " منه بدأت " بالهمزة في النسخ بمعنى ابتدأت ونشأت ، والظاهر أن يكون بغير همزة بمعنى ظهرت . قوله : " وعنه دعت " أي تلك النفس الملكوتية عن جانب العقل دعت الأنفس إلى رضوان الله الأكبر حيث بعثها رسولا إلى أمم النفوس والأشباح ، يتلو عليهم آيات الله في المساء والصباح ، من إحداث بديع وإظهار شؤون في كل صنيع ، وتزكيتهم بالتنقلات في الأحوال ليتحدسوا