489 . الإرشاد عن أبي محمّد الحسن بن محمّد عن جدّه عن غير واحد من أصحابه ومشايخه : إنَّ رَجُلاً مِن وُلدِ عُمَرَ بنِ الخَطّابِ كانَ بِالمَدينَةِ يُؤذي أبَا الحَسَنِ موسى ( عليه السلام ) ، ويَسُبُّهُ إذا رَآهُ ، ويَشتُمُ عَلِيّاً ( عليه السلام ) ، فَقالَ لَهُ بَعضُ جُلَسائِهِ يَوماً : دَعنا نَقتُل هذَا الفاجِرَ ، فَنَهاهُم عَن ذلِكَ أشَدَّ النَّهيِ ، وزَجَرَهُم أشَدَّ الزَّجرِ ، وسَأَلَ عَنِ العُمَرِيِّ ، فَذُكِرَ أنَّهُ يَزرَعُ بِناحِيَة مِن نَواحِي المَدينَةِ . فَرَكِبَ ، فَوَجَدَهُ في مَزرَعَة ، فَدَخَلَ المَزرَعَةَ بِحِمارِهِ ، فَصاحَ بِهِ العُمَرِيُّ : لا توطِئ زَرعَنا ! فَتَوَطَّأَهُ أبُو الحَسَنِ ( عليه السلام ) بِالحِمارِ ، حَتّى وَصَلَ إلَيهِ ، فَنَزَلَ وجَلَسَ عِندَهُ ، وباسَطَهُ وضاحَكَهُ ، وقالَ لَهُ : كَم غَرِمتَ في زَرعِكَ هذا ؟ فَقالَ لَهُ : مِائَةُ دينار . قالَ : فَكَم تَرجو أن تُصيبَ فيهِ ؟ قالَ :لَستُ أعلَمُ الغَيبَ . قالَ : إنَّما قُلتُ لَكَ : كَم تَرجو أن يَجيئَكَ فيهِ ؟ قالَ :أرجو فيهِ مِائَتَي دينار . فَأَخرَجَ لَهُ أبُو الحَسَنِ ( عليه السلام ) صُرَّةً فيها ثَلاثُمِائَةِ دينار ، وقالَ : هذا زَرعُكَ عَلى حالِهِ ، وَاللهُ يَرزُقُكَ فيهِ ما تَرجو . فَقامَ العُمَرِيُّ فَقَبَّلَ رَأسَهُ وسَأَلَهُ أن يَصفَحَ عَن فارِطِهِ ، فَتَبَسَّمَ إلَيهِ أبُو الحَسَنِ ( عليه السلام ) وَانصَرَفَ .وراحَ إلَى المَسجِدِ فَوَجَدَ العُمَرِيَّ جالِساً ، فَلَمّا نَظَرَ إلَيهِ قالَ : اللهُ أعلَمُ حَيثُ يَجعَلُ رِسالاتِهِ ! فَوَثَبَ أصحابُهُ إلَيهِ فَقالوا لَهُ : ما قِصَّتُكَ ؟ قَد كُنتَ تَقولُ غَيرَ هذا ! فَقالَ لَهُم : قَد سَمِعتُم ما قُلتُ الآنَ ، وجَعَلَ يَدعو لأَبِي الحَسَنِ ( عليه السلام ) ، فَخاصَموهُ وخاصَمَهُم .فَلَمّا رَجَعَ أبُو الحَسَنِ إلى دارِهِ ، قالَ لِجُلَسائِهِ الَّذينَ سَأَلوهُ في قَتلِ العُمَرِيِّ : أيُّما كانَ خَيراً : ما أرَدتُم أم ما أرَدتُ ؟ ! إنَّني أصلَحتُ أمرَهُ بِالمِقدارِ الَّذي عَرَفتُم ، وكَفَيتُ بِهِ شَرَّهُ ! ( 1 )
1 . الإرشاد : 2 / 233 ، إعلام الورى : 2 / 26 ، دلائل الإمامة : 311 وفيه " وقيل : إنّه كان بالمدينة ف رجل " ، كشف الغمّة : 3 / 18 وفيه " وروي أنّ رجلا " وكلاهما نحوه ، بحارالأنوار : 48 / 102 / 7 .