وعى على ما عجز عنه الناس ثم أوكأ عليه لم يخرج شيئا منه . وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : أبو ذر في أمتي شبيه عيسى بن مريم في زهده . وبعضهم يرويه : من سره أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر . وفيه أيضا ص 430 : كان لأبي ذر غنيمات يعيش هو وعياله منها ، فأصابها داء يقال لها النقاب [1] [ النقاز - خ ل ] فماتت كلها ، فأصاب أبا ذر وابنته الجوع وماتت أهله ، فقالت ابنته : أصابنا الجوع وبقينا ثلاثة أيام لم نأكل شيئا فقال لي أبي : يا بنية قومي بنا إلى الرمل نطلب القت - وهو نبت له حب - فصرنا إلى الرمل فلم نجد شيئا فجمع أبي رملا ووضع رأسه عليه ورأيت عينيه قد انقلبت فبكيت فقلت : يا أبة كيف أصنع بك وأنا وحيدة - إلى أن قال - فدخل عليه قوم من أهل الربذة فقالوا : يا أبا ذر ما تشتكي ؟ قال : ذنوبي . قالوا : فما تشتهي . قال : رحمة ربي . قالوا : هل لك بطبيب ؟ قال : الطبيب أمرضني . قالت ابنته : فلما عاين سمعته يقول : مرحبا بحبيب أتى على فاقة لا أفلح من ندم اللهم خنقني خناقك ، فوحقك إنك لتعلم إني أحب لقاءك - إلى أن قال - ودفنوه وكان فيهم الأشتر ، فروى أنه قال : كفنته في حلة كانت معي قيمتها أربعة آلاف درهم .
[1] قال الفيروزآبادي : النقب قرحة تخرج في الجنب . وقال أيضا : النقاز كغراب داء للماشية شبيه بالطاعون . قوله ( خنقني ) طلب الموت .