حجته على الخلق لقاعدة اللطف والتفضل وليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ، ولا جبر ليكون جورا في سلطانه ولا تفويض ليكون وهنا في سلطانه ، بل أمرهم ونهاهم بمقدار الطاقة ولم يكلفهم فوق الطاقة ، وهو أحد معاني الأمر بين الأمرين . والأول صحيح ولكن عامة الناس بل أغلب الخواص لا يقدرون على فهم الآيات والأخبار مع القيود والشرائط التي ذكرناه في الاجتهاد الصحيح ، فلا بد من أن يسأل أحكام دينه ويراجع أهله بمقتضى وجوب التفقه وأن العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة وغير ذلك مما ذكر . وقد قلنا أن تمييز موارد الاحتياط مشكل بل يمتنع أحيانا ، فالرجوع والإرجاع إلى المجتهد أسهل طريق لنجاة النفس من الهلكة . وأوامر الله تعالى ونواهيه ثابتتان من أول الدنيا إلى فنائها ولا تسقطان بحال من الأحوال ، فالأمر بحيث تعلق بمتعلقه بصرف وجوده يسقط الامتثال والطاعة ، وأمره باق في المستقبل إلى يوم القيامة ، ونهيه باق حتى زمان المعصية ، فمنادي لا تشرب الخمر ولا تقرب الزنا ولا تقربوا الفواحش ينادي المكلف ولو حين ارتكابها ولا تسقط في آن واحد . و الدليل على ذلك وجوه : ( الأول ) قوله ( حلاله حلال إلى يوم القيامة وحرامه حرام إلى يوم القيامة ) وليس فترة في حكم الشارع حين المعصية حتى يقال سقط نهي الشارع المقدس ، فليس صلاة الغد وترك الشرب مثلا في الغد بأمر جديد ونهي جديد ، بل كل واحد ثابت بالأمر الأول والنهي