نام کتاب : البدعة مفهومها وحدودها نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 56
أما أنا فإني أصلي الليل أبدا ، وقال آخر : أنا أصوم الدهر ولا أفطر ، وقال آخر : أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا ، فجاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فقال : ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله ، وأتقاكم له ، لكني أصوم ، وأفطر ، وأصلي ، وأرقد ، وأتزوج النساء ، فمن رغب عن سنتي فليس مني . . ) [1] . هكذا يتوهم هؤلاء أنهم بقيامهم ببعض الأعمال ذات الطابع العبادي ، يجهدون بها أنفسهم ، إنما يتقربون بذلك إلى الله أكثر مما لو اقتصروا على ما جاءت به الشريعة من الأعمال العبادية . ومثل ما يتحدث القرآن الكريم عن الجهاد في سبيل الله ، فإنه يتحدث أيضا عن نصيب الحياة الذي يجب أن يأخذه الإنسان من دنياه : * ( قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة . . . ) * [2] . إن القرآن الكريم وفي أماكن متعددة يشجب ظاهرة الرهبنة وتحميل النفس للمشاق والصعوبات البالغة مما لم يأمر به الله سبحانه وتعالى ، وفي مقابل ذلك وجه الإنسان والمجتمع نحو السلوك المتوازن الذي يحفظ معا حق الله وحق الناس وحق النفس . إن ظاهرة الرهبنة تعبر عن أوضح صورة لاعتزال الحياة وبالتالي انصراف الإنسان عن دوره الرسالي التغييري ، وهي تنشأ عادة لدى الأفراد بسبب الاعتقاد بأن تكثيف الجانب الروحي العبادي على حساب
[1] صحيح البخاري 7 : 2 كتاب النكاح ، طبعة مؤسسة التاريخ العربي - بيروت . [2] الأعراف 7 : 32 .
56
نام کتاب : البدعة مفهومها وحدودها نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 56