نام کتاب : البدعة مفهومها وحدودها نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 45
للبدعة الواجبة بالتدوين ، وللبدعة المستحبة ببناء المدارس ، مع أنهما ليسا من البدعة بمعناها الشرعي ، لوجود أصل صالح لهما في الشريعة . أو أنها عمل عادي يتم العمل بها ليس باسم الدين بل من أجل ضرورات تطور الحياة وطلب الراحة ، فتكون خارجة عن موضوع البدعة بمعناها الشرعي أيضا مثل نخل الدقيق ، فقد ورد أن أول شئ أحدثه الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اتخاذ المناخل ولين العيش من المباحات . وهذه حالة يصح إطلاق البدعة عليها بمعناها اللغوي ، أي الإتيان بشئ جديد لا على مثال سابق . وقد وافق هذا القول جملة من المحققين منهم الشاطبي ، قال : إن متعقل البدعة يقتضي ذلك بنفسه ، لأنه من باب مضادة الشارع واطراح الشرع ، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أن ينقسم إلى حسن وقبيح ، وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم ، إذ لا يصح في معقول ولا منقول استحسان مشاقة الشارع . . وأيضا فلو فرض أنه جاء في النقل استحسان بعض البدع أو استثناء بعضها عن الذم لم يتصور ، لأن البدعة طريقة تضاهي المشروعة من غير أن تكون كذلك . وكون الشارع يستحسنها دليل على مشروعيتها إذ لو قال الشارع : " المحدثة الفلانية حسنة " لصارت مشروعة ، ولما ثبت ذمها ثبت ذم صاحبها لأنها ليست بمذمومة من حيث تصورها فقط ، بل حيث اتصف بها المتصف ، فهو إذن المذموم على الحقيقة ، والذم خاصة التأثيم ، فالمبتدع مذموم آثم ، وذلك على الاطلاق والعموم [1] .