نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 78
بتعاليمه القيمة بينهما ، مؤالفة تفي بحق كل منهما ، بحيث يتيح للإنسان أن يأخذ قسطه من كل منهما بقدر ما تقتضيه المصلحة . وذلك أن المسيحية غالت في التوجه إلى الناحية الروحية ، حتى كادت أن تجعل كل مظهر من مظاهر الحياة المادية خطيئة كبرى ، فدعت إلى الرهبانية والتعزب وترك ملاذ الحياة والانعزال عن المجتمع ، والعيش في الأديرة وقلل الجبال وتحمل الظلم والرفق مع المعتدين ، كما غالت اليهودية في الانكباب على المادة حتى نسيت كل قيمة روحية وجعلت الحصول على المادة بأي وسيلة كانت ، المقصد الأسنى ، ودعت إلى القومية الغاشمة والطائفية الممقوتة . وهذه المبادئ سواء أصحت عن الكليم والمسيح ( عليهما السلام ) أم لم تصح ( ولن تصح إلا أن يكون لإصلاح انغمار الشعب الإسرائيلي في ملاذ الحياة يوم ذاك وإنجائهم عن التوغل في الماديات وسحبهم إلى المعنويات بشدة وعنف وإن شئت قلت : كانت تعاليمه إصلاحا مؤقتا لإسراف اليهود وغلوهم في عبادة المال حتى أفسدوا أخلاقهم ، وآثروا دنياهم على دينهم ) هذه المبادئ لا تتماشى مع الحضارات الإنسانية التقدمية ولا تسعدها في معترك الحياة ، ولا تتلاءم مع حكم العقل ولا الفطرة السليمة . لكن الإسلام جاء لينظر إلى واقع الإنسان ، بما هو كائن ، لا غنى له عن المادة ، ولا عن الحياة الروحية ، فأولاهما عنايته ، ودعا إلى المادة والالتذاذ بها بشكل لا يضر الحياة الروحية كما دعا إلى الحياة الروحية بشكل لا تصادم فطرته وطبيعته . هذه هي حقيقة الإسلام ومرونته وسبب تماشيه مع الحضارات المختلفة حتى حضارة اليوم الصناعية ، فلو حددنا الجائزة من العاديات بما في عصر النبي تكون النتيجة حياد الإسلام عن الساحة ، وبطلانه مع أنه خاتم الشرائع وكتابه خاتم الكتب ونبيه خاتم النبيين .
78
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 78