نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 58
وروى الترمذي قال : حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن محمد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل ، أنه سمع سعد بن أبي وقاص والضحاك ابن قيس عام حج معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال الضحاك بن قيس : لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله تعالى . فقال سعد : بئس ما قلت يا بن أخي ! فقال الضحاك : فإن عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك . فقال سعد : قد صنعها رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وصنعناها معه ، هذا حديث صحيح . وروى ابن إسحاق عن الزهري عن سالم قال : إني لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتع بالعمرة إلى الحج ، فقال ابن عمر : حسن جميل . قال : فإن أباك كان ينهى عنها . فقال : ويلك ! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأمر به ، أفبقول أبي آخذ ، أم بأمر رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ؟ ! قم عني [1] . ولأجل ذلك كان هذا الصحابي يحرم بإحرام واحد للعمرة والحج ، مع أن النبي أمر بإحرامين : إحرام للعمرة ثم يتحلل ويتمتع بمحظورات الإحرام ثم يحرم للحج ، وما هذا إلا لزعم أن ترك التمتع بين العملين أكثر قربة إليه تعالى وقد برر فتواه بعد الاعتراف ، بأن عمرة التمتع سنة رسول الله بقوله : ولكنني أخشى أن يعرسوا بهن تحت الأراك ثم يروحوا بهن حجاجا [2] . هذه نماذج من كثير مما تعرض إليها التاريخ في شتى المناسبات ، والجامع لذلك هو المبالغة في التعبد لله - حسب زعمه - وهي ناشئة عن قلة استيعاب المبتدع على ما يجب أن يعرفه ، فإن الله سبحانه أعرف بمصالح العباد ومفاسدهم
[1] القرطبي : الجامع لأحكام القرآن : 2 / 388 . [2] أحمد بن حنبل : المسند : 1 / 49 .
58
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 58