نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 369
أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي ) * ( البقرة - 260 ) والفرق بين خطاب الله لموسى ( عليه السلام ) وبين خطابه لنوح وإبراهيم ( عليه السلام ) ظاهر [1] . وقد نقلنا كلام هؤلاء بالتفصيل ليقف القارئ على أنه كيف يتمسكون بما لا دلالة له على مطلوبهم ، والشاهد على ذلك أنا لو عرضنا الآية على أي عربي مخاطب بالقرآن لا ينتقل إلى ما يدعون ، ويتلقى إثبات الرؤية بها تحميلا للفكر على الآية لا تفسيرا لها ، وإليك الإشارة إلى نقاط الضعف في كلمات هؤلاء . أما الرازي ، فمن أين يدعي أن الآية في مقام مواساة موسى لئلا يضيق صدره بسبب منع الرؤية ؟ لو لم نقل إن الآية وردت على خلاف ما يدعيه ، فإنما وردت في مورد الامتنان على موسى وموعظة له أن يكتفي بما اصطفاه الله به من رسالاته ، وكلامه ، ويشكره ، ولا يزيد عليه . هذا هو الظاهر من الآية ، ولا وجه لحمل الآية بكونها في صدد المواساة ، بعد ما صدر من موسى في الآية المتقدمة عليها قوله : * ( سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين * قال يا موسى إني اصفيتك على الناس . . . ) * ( الأعراف : 143 - 144 ) فمقتضى ما صدر من موسى من تنزيه وتوبة وإيمان بأنه لا يرى ، هو موعظته بالاكتفاء بما أوتي ولا يزيد عليه ، لا أن يعتذر سبحانه منه ويواسيه بحرمانه رؤيته . وأما ما ذكره صاحب روح البيان فعجيب جدا فإن استدلاله يتوقف على أن المراد من * ( زيادة ) * في قوله سبحانه : * ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) * هو الرؤية وهذا أول الكلام وسيوافيك أن المراد منها هي الزيادة على الاستحقاق ، فانتظر حتى يأتيك البيان . وأما ما ذكره الدكتور تأييدا لما ذكره الرازي فضعفه واضح لأن الآية ليست بصدد مواساته ، وأما اختلاف الخطاب بينها وبين ما ورد في طلب نوح هو أن