نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 368
قال الرازي : إعلم أن موسى ( عليه السلام ) لما طلب الرؤية ومنعه الله منها ، عدد الله عليه وجوه نعمه العظيمة التي له عليه ، وأمره أن يشتغل بذكرها كأنه قال : إن كنت قد منعتك الرؤية فقد أعطيتك من النعم كذا وكذا ، فلا يضيق صدرك بسبب منع الرؤية وانظر إلى سائر أنواع النعم التي خصصتك بها ، واشتغل بشكرها . والمقصود تسلية موسى ( عليه السلام ) عن منع الرؤية وهذا أيضا أحد ما يدل على أن الرؤية جائزة على الله تعالى ، إذ لو كانت ممتنعة في نفسها لما كان إلى ذكر هذا القدر حاجة [1] . وقد تبعه إسماعيل البروسي فقال في تفسير قوله : * ( وكن من الشاكرين ) * : أن اشكر ، يبلغك إلى ما سألت من الرؤية لأن الشكر يستدعي الزيادة لقوله تعالى : * ( لئن شكرتم لأزيدنكم ) * ( إبراهيم - 7 ) والزيادة هي الرؤية لقوله تعالى : * ( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ) * ( يونس - 26 ) وقال عليه الصلاة والسلام : الزيادة هي الرؤية ، والحسنى هي الجنة [2] . وفي مؤخر المثبتين للرؤية من يستحسن مواقف المستدلين بهذه الآية ويقول : إن الاستدلال بهذه الآية على الجواز قوي ، لأن الله تعالى عدد لموسى ( عليه السلام ) هذه النعم التي أنعم الله بها عليه لما منعه من حصول جائز طلبه منه ، فذكر ما ذكر تسلية له ولو منعه من ممتنع لكان بخطاب آخر وذلك مثل خطابه تعالى لنوح : * ( رب إن ابني من أهلي وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين * قال يا نوح إنه ليس من أهلك إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به علم إني أعضك أن تكون من الجاهلين ) * ( هود : 45 - 46 ) . وقوله تعالى لإبراهيم ( عليه السلام ) حين قال : * ( رب أرني كيف تحيي الموتى قال
[1] الرازي : مفاتيح الغيب : 14 / 235 . [2] إسماعيل حقي البروسي : روح البيان : 3 / 239 وتبعه الآلوسي في روح المعاني : لاحظ 9 / 55 .
368
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 368