نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 348
فإن المراد من * ( ليقض علينا ) * هو القضاء بالموت [1] . وجه الضعف ما عرفت من أن التأبيد على قسمين ، غير محدد ومحدد بإطار خاص ، ومن المعلوم أن قوله سبحانه : * ( ولن يتمنونه ) * ناظر إلى التأبيد في الإطار الذي اتخذه المتكلم ظرفا لكلامه وهو الحياة الدنيا ، فالمجرمون ما داموا في الحياة الدنيا لا يتمنون الموت أبدا ، لعلمهم بأن الله سبحانه بعد موتهم يقدمهم للحساب والجزاء ولأجل ذلك لا يتمنوه أبدا قط . وأما تمنيهم الموت بعد ورودهم العذاب الأليم فلم يكن داخلا في مفهوم الآية الأولى حتى يعد التمني مناقضا للتأبيد . ومن ذلك يظهر وهن كلام آخر وهو : أنه ربما يقال : إن " لن " لا تدل على الدوام والاستمرار ، بشهادة قوله : * ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسيا ) * إذ لو كانت * ( لن ) * تفيد تأبيد النفي لوقع التعارض بينها وبين كلمة * ( اليوم ) * لأن اليوم محدد معين ، وتأبيد النفي غير محدد ولا معين ، ومثله قوله سبحانه على لسان ولد يعقوب : * ( فلن أبرح الأرض حتى يأذن لي أبي ) * حيث حدد بقاءه في الأرض بصدور الإذن من أبيه [2] . وجه الوهن : أن التأبيد في كلام النحاة ليس مساويا للمعدوم المطلق بل المقصود هو النفي البات الذي لا يشق ، والنفي البات الذي لا يكسر ولا يشق على قسمين : تارة يكون الكلام غير محدد بظرف خاص ولا تدل عليه قرينة حالية ولا مقالية فعندئذ يسابق التأبيد المعدوم المطلق ، وأخرى يكون الكلام محددا بزمان حسب القرائن اللفظية والمثالية فيكون التأبيد محددا بهذا الظرف أيضا ، ومعنى قول مريم : * ( فلن أكلم اليوم إنسيا ) * هو النفي البات في هذا الإطار ولا ينافي تكلمها بعد هذا اليوم .
[1] الرازي : مفاتيح الغيب : 14 / 227 . [2] عباس حسن : النحو الوافي : 4 / 281 كما في كتاب رؤية الله للدكتور أحمد بن ناصر .
348
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 348