نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 34
الأحبار والرهبان يعرفون ما تخيلوه من الحرام والحلال حكم الله سبحانه ، وليس هذا إلا البدعة في الشرع ، والتدخل في أمر الشريعة ، وإذا تدبرت في هذه الآيات وأمثالها تقف على أن الآيات تدور على محور واحد هو البدعة في الدين لا مطلقها ، ولا يضر عدم ذكر القيد في اللفظ إذ هو مفهوم من القرائن القطعية . ثم إن في قوله : * ( إلا ابتغاء رضوان الله ) * وجهان : فمنهم من يجعله استثناء منقطعا ، أي ما كتبا عليهم الرهبانية وإنما كتبنا عليهم ابتغاء رضوان الله ، ومنهم من يجعله استثناء متصلا ، بمعنى أنه سبحانه كتب عليهم أصل الرهبانية لأجل كسب رضوان الله ولكنهم لم يراعوا حقها . فتكون البدعة على الأول نفس الرهبانية وعلى الثاني الخروج عن حدودها . هذا كله حول الآيات ، وأما السنة ، ففيها قرائن كثيرة تعطي نفس المفهوم الذي أعطته الآيات وإليك تلك القرائن : 1 - ففي الرواية الأولى : يبتدئ النبي كلامه بقوله : " أصدق الحديث كتاب الله وأفضل الهدى هدي محمد " وهذا يدل على أن ما اتخذه النبي موضوعا للبحث هو ما يرجع إلى كتاب الله وهدي نبيه ، فإذا قال بعده : " وشر الأمور محدثاتها " يكون المراد أي ما دخل في الشريعة من أمور ، وإذا قال : " كل بدعة ضلالة أي البدعة فيما يتكلم عنه ، ومن المعلوم أنه يتكلم عن دعوته وشريعته ، فتحوير كلامه إلى مطلق البدعة وإن لم يمس الكتاب والسنة ، تأويل للظاهر بلا دليل . 2 - ثم إنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يحكم على كل بدعة بالضلال ، ومن المعلوم أنه لا يصدق إلا على البدعة في الشريعة وأما غيرها فهي على أقسام كما قالوا . 3 - روى مسلم في صحيحه أن رسول الله إذا خطب احمرت عيناه وعلا صوته ، واشتد غضبه كأنه منذر جيش ثم يقول : " أما بعد ، فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدي محمد الخ " ومن المعلوم أن الأرضية الصالحة لثوران غضبه ليس إلا تدخل المبتدع في شريعته ، لا مطلق التدخل في شؤون الحياة وإن لم تمس
34
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 34