نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 324
كالقدرة في اليد مثلا ولما رأوا أن ذلك يلازم التجسيم التجأوا إلى قولهم : يد بلا كيف ، ولكنهم ما دروا أن الكيفية في اليد والوجه وغيرهما مقومة لمفاهيمها فنفي الكيفية يساوق نفي المعنى اللغوي فكيف يمكن الجمع بين المعنى اللغوي والحمل عليه بلا كيف ، ومنه يعلم حال الرؤية بالبصر والعين فإن التقابل ، مقوم لمفهومها فإثباتها بلا كيف ، يلازم نفي أصل الرؤية وقد عرفت أن الكلام في النظر بالبصر والرؤية بالعين ، لا الرؤية بالقلب أو في النوم - وقد أوضحنا حال الصفات الخبرية في بحوثنا الكلامية [1] . 2 - اختلاف الأحكام باختلاف الظروف : إن بعض المثقفين من الجدد لما وجدوا في بواطن عقولهم أن الرؤية لا تنفك عن الجهة ، التجأوا إلى القول بأن كل شئ في الآخرة غيره في الدنيا ، ولعل الرؤية تتحقق في الآخرة بلا هذا اللازم السلبي . يلاحظ عليه : بأنه رجم بالغيب ، فإن أرادوا من المغايرة بأن الآخرة ظرف للتكامل وأن الأشياء توجد في الآخرة بأكمل الوجود وأمثله ، فهذا لا مناقشة فيه ، يقول سبحانه : * ( كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأوتوا به متشابها ) * ( البقرة - 25 ) ، إن أرادوا أن القضايا العقلية البديهية تتبدل في الآخرة إلى نقيضها فهذا يوجب انهيار النظم الكلامية والفلسفية والأساليب العلمية التي يعتمد عليها المفكرون من أتباع الشرائع وغيرهم ، إذ معنى ذلك أن النتائج المثبتة في جدول الضرب سوف تتبدل في الآخرة إلى ما يباينها فتكون النتيجة ضرب 2 * 2 = 5 أو 10 أو . . . وإن قولنا : " كل ممكن يحتاج إلى علة " يتبدل في الآخرة إلى أن الممكن غني عن العلة ، فعند ذلك لا يستقر حجر على حجر وتنهار جميع المناهج الفكرية ، ويصير الإنسان سوفسطائيا مائة بالمائة .