نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 302
فقد بلغ الخليل النهاية في مجال المعرفة على وجه رأى ملكوت السماوات والأرض فأراه سبحانه ملكوتهما ، أي كونهما قائمين بالله سبحانه وما ذلك إلا ليكون موقنا ومذعنا لأصول الوحيد ، وما أراه ملكوت السماوات والأرض إلا بإلهامه البرهان الدامغ الذي أثبت به بطلان ربوبية الكوكب والقمر والشمس وانتهى في آخره إلى أنه لا إله إلا هو ، وقال بعد ذكر البراهين * ( إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين ) * ( الأنعام / 79 ) . فهذه الآيات ونظائرها تكشف عن أصل موضوعي في الشريعة الإسلامية ، وهو أن الغاية من طرح الأصول العقائدية هي الوصول إلى الإذعان واليقين لا التعبد بها دون يقين ، وهذا يفرض علينا أن نفتح مسامعنا لنداء العقل ودعوته خصوصا في الأصول الأولية التي تبنى عليها نبوة النبي الأكرم ، فمن حاول إعدام العقل ورفضه عن ساحة البحث ، والاكتفاء بالنص فقد لعب على حبل خاسر إذ أن بديهة العقل تحكم بأن الاكتفاء بالسمع في عامة الأصول مستلزم للدور وتوقف صحة الدليل على ثبوت المدعى وبالعكس . إن رفض العقل في مجال البرهنة على العقيدة عند بعض الفرق صار سببا لتغلغل العقائد الخرافية بين لفيف من الطوائف الإسلامية ، وفي ظل هذا الأصل أي إبعاد العقل عن الساحة دخلت أخبار التجسيم والتشبيه في الصحاح والمسانيد عن طريق مستسلمة الأحبار والرهبان الذين تظاهروا بالإسلام وأبطنوا اليهودية والنصرانية وخدعوا عقول المسلمين ، فحشروا عقائدهم الخرافية بين المحدثين والسذج من الناس اغترارا بإسلامهم وصدق لهجتهم . إن من مواهبه سبحانه للإنسان أنه أنار مصباح العقل في كل قرن وزمان ليكون حصنا أمام نفوذ الخرافات والأوهام إلى ذهنه وفكره ، وليميز به الإنسان الحق عن الباطل فيما له فيه حق القضاء ، وكلامنا هذا لا يعني إلى أن المرجع
302
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 302