نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 134
وفي هذا الأثر موافقة سيدنا عمر بن الخطاب ( رض ) على اتخاذ اليوم الذي حدثت فيه نعمة عظيمة ، عيدا لأن الزمان ظرف للحدث العظيم ، فعند عود اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كان موسما لشكر تلك النعمة ، وفرصة لإظهار الفرح والسرور [1] . نرى أن المسيح عندما دعا ربه أن ينزل مائدة عليه وعلى حوارييه قال : * ( اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين ) * ( المائدة - 114 ) . فقد اتخذ يوم نزول النعمة المادية التي تشبع البطون عيدا ، والرسول الأكرم نعمة عظيمة من بها الله على المسلمين بميلاده ، فلم لا نتخذه يوم فرح وسرور ؟ الاستدلال بالإجماع : ذكروا أن أول من أقام المولد هو الملك المظفر صاحب إربل ، وقد توفي عام 630 ه ، وربما يقال : أول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون ، أولهم المعجز لدين الله ، توجه من المغرب إلى مصر في شوال 361 ه ، وقيل في ذلك غيره ، وعلى أي تقدير فقد احتفل المسلمون حقبا وأعواما من دون أن يعترض عليهم أي ابن أنثى ، وعلى أي حال فقد تحقق الإجماع على جوازه وتسويغه واستحبابه قبل أن يولد باذر هذه الشكوك ، فلماذا لم يكن هذا الإجماع حجة ؟ مع أن اتفاق الأمة بنفسه أحد الأدلة ، وكانت السيرة على تبجيل مولد النبي إلى أن جاء ابن تيمية ، والعز بن عبد السلام [2] ، والشاطبي فناقشوا فيه ووصفوه بالبدعة ، مع أن الإجماع انعقد قبل هؤلاء بقرنين أو قرون ، أوليس انعقاد الإجماع في عصر من العصور حجة بنفسه ؟
[1] عيسى الحميري : بلوغ المأمول : 29 . [2] هو عبد العزيز بن عبد السلام السلمي الدمشقي ( 577 - 660 ه ) : فقيه شافعي ، له من الكتب " التفسير الكبير " و " مسائل الطريقة " وغيرها . ( أعلام الزركلي : 4 / 21 . دار الملايين - بيروت ) .
134
نام کتاب : البدعة ، مفهومها ، حدها وآثارها نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 134