مدخلية للقصد والنية في ذلك ، ومن هنا برزت الحاجة إلى إجراء مقارنة بين فقه أبي حنيفة وروايات صحيح البخاري ، حيث تظهر بوضوح العلاقة خاصة في كتاب الحيل [1] . وذكر البخاري أئمة المذاهب الأربعة بالاسم باستثناء أبي حنيفة ، فقد ذكر اسم الشافعي صراحة وذكر اسم أحمد بن حنبل ومالك ، ولكنه عندما يتعرض إلى أبي حنيفة فإنه يكنى عنه بهذه العبارة : " وقال بعض الناس " أو " قول بعض الناس " . وقد ورد هذا التعبير 27 مرة ، أربع عشر منها في كتاب الحيل وحده . ويؤكد الشارحون أن هذه العبارة هي كناية عن أبي حنيفة وبعض تلامذته كالشيباني وأبي يوسف . والجدير ذكره في هذا الموضوع أن البخاري قد شدد بصورة أخرى على أبي حنيفة في كتاب الهبة ، فإنه بعد عبارته : " وقال بعض الناس ، يصرح أن ما يقوله " بعض الناس " يعد مخالفة لسنة النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ( 1 ) . وفي الكتاب الذي ذكر في أسماء الكتب تحت عنوان " الضعفاء
[1] انظر كتابنا " الإمام البخاري وفقه أهل العراق " الثاني عشر : في الزكاة : 189 - 190 . ( 2 ) وهذا نصه : وقال بعض الناس : إن وهب هبة ألف درهم أو أكثر ، حتى مكث عنده سنين واحتال في ذلك ثم رجع الواهب فيهما ، فلا زكاة على واحد منهما ، فخالف الرسول ( صلى الله عليه وسلم ) في الهبة وأسقط الزكاة . صحيح البخاري كتاب الحيل ، وانظر في ذلك " الإمام البخاري وفقه أهل العراق " : 197 - 199 .