نام کتاب : الأنوار الإلهية في المسائل العقائدية نویسنده : الميرزا جواد التبريزي جلد : 1 صفحه : 67
ونحن نلتزم بمضمون هذه الروايات فنقول : إنّ اللباس إذا اختص به أعداء الدين فلا يجوز لبسه ، مثل القبعة التي يختص بلبسها اليهود . ولكن لباس السواد لم يثبت اختصاص لبسه بأعداء الدين ، نعم يمكن ثبوت الاختصاص بخصوص ( اللبادة السوداء ) فإن لبسها من مختصات علماء اليهود والنصارى ، وإذا ثبت ذلك فيها فلبسها حرام . بقي أمر تعرض له صاحب الحدائق ( قدّس سرّه ) فإنّه بعد أن نقل هذه الروايات قال : « لا يبعد استثناء لبس الأسود في مأتم الحسين ( عليه السّلام ) من هذه الأخبار ، لما استفاضت به الأخبار من الأمر بإظهار شعائر الأحزان . . » [1] . ولم يبيّن الوجه في عدم شمول هذه الروايات لذلك ، والوجه في عدم الشمول هو : إنّ في لبس المؤمنين الثياب السوداء في وفيات الأئمة ( عليهم السّلام ) وبالخصوص في أيام محرم الحرام وشهر صفر إظهاراً لمودتهم وحبهم لأهل البيت ( عليهم السّلام ) فيحزنون لحزنهم ، وإنّ هذا العمل من المؤمنين إحياء لأمر أهل البيت ( عليهم السّلام ) ، وقد روي عنهم ( عليهم السّلام ) : « رحم الله من أحيا أمرنا » ، فإذا ارتدى عامة الناس من الرجال والشباب والأطفال الثياب السود كان ذلك ظاهرة اجتماعية تلفت نظر الغريب فيسأل : ماذا حدث ؟ بالأمس كان الأمر طبيعياً وكانت ألوان ثياب الناس مختلفة ، وأمّا اليوم فقد لبسوا كلهم السواد ؟ ! فعند ما يوضح له بأن اليوم يوم حزن ومصيبة على ريحانة الرسول الحسين بن علي ( عليه السّلام ) ، كان هذا الأمر في حد نفسه إحياءً لأمره ( عليه السّلام ) ، ولهذا اشتهر أنّ بقاء الإسلام بشهري محرم وصفر ، وذلك لأن حقيقة الإسلام والإيمان قد أُحييت بواقعة كربلاء ، وهذا دليل لا بدّ من المحافظة عليه لتراه الأجيال القادمة مثلًا أمامهم فيحصل لهم اليقين به ، فإنّ الإمام الحسين ( عليه السّلام ) نفسه قد أثبت أحقية التشيع ، وأبطل سائر ما عداه .