الأولى : أن يبادر إبتداءً بالقسم وهو إنما يستعمله من يستعمله عندما يعلم أن الطرف المقابل له موقف حذر منه ومن أقواله . الثاني : حينما يعجز عن إقناع الطرف الآخر بصدق كلامه بعد أن لم يعجزه عن حيلة ، ولم يدّخر وسيلة ، فيلجأ للقسم . وقوله تعالى : { ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين . . وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين } يشعر بأن آدم ( ع ) رفض قوله أولا ، فلجأ إبليس إلى القسم كما أن التعبير يوحي بأن آدم ( ع ) لم يصدقه لمجرد قسمه بل لمبالغته في القسم . أضف إلى ذلك أن تحذير الله لآدم ( ع ) من إبليس جاء وفق الآية بتعبير : { إن هذا عدو لك ولزوجك } ومن طبيعة العدو ومن شأن العداوة استعمال الخديعة بالضرورة ، وأساليب اللف والدوران ولكن ليس بالضرورة لجوء العدو للقسم . ومن هنا يمكن استظهار أن كلمة : " العدو " المستعملة في التحذير الإلهي من إبليس وإن استبطنت عدم الأخذ بقوله ، لكن ليس فيها دلالة على عدم الأخذ بقوله مع القسم ، بل المقاسمة . هذا كله على فرض أن المقاسمة على صيغة المبالغة ، أما على فرض أنها " مفاعلة " : فلعل المراد بقاسمهما أنهما طلبا منه القسم ، فأقسم لهما ؟ . . أو أنهما قد أقسما عليه بالله أن يقول الصدق ، فأقسم لهما أنه صادق . . مما يعني أنهما احتاطا للأمر ، وألجأه إلى القسم ، تماما كما يفعل المتخاصمان أمام القضاء ، فإنهما يكذّب بعضهما بعضاّ ويدعي بعضهم على بعض أموراّ تدخل في دائرة العداوات كالقتل وغيره . . ويكون الحل هو القسم أو ما إلى ذلك . فاللجوء إلى طلب القسم من العدو لفض النزاعات أمر ثابت في الدين . ويبدو أن هذا " الكاتب " ينكر هذا الأمر ، وإلا فما معنى هذه الآيات كلها التي حشدها والمتعلقة بعدم الأخذ بقول بعض الناس حتى مع قسمهم . ومهما يكن من أمر ، فكونه عدوا لهما لا يمنع من تحتم تصديقه عليهما حينما يقسم لهما . . وقد عاملاه معاملة الخصماء بطلب القسم منه .