ومن أين نبدأ وكيف نناقش هذا " الكاتب " الذي خلط على حدّ تعبير المثل " الحابل بالنابل " وقد أفرد ستة عشر صفحة لهذا الموضوع صاغها بطريقة غريبة وعجيبة بحيث ظهرت على شكل مخلوق هجين أشبه بقصّة بوليسية محبوكة حبكة معقدة فاق بها قصص الكاتبة البريطانية " أغاثا كريستي " ، ولو قدر لأولئك الذين يؤمنون بالتقمص أن يطلعوا على حبكته هذه ، لجعلوها دليلا على صحة معتقدهم ، ولصاحوا بصوت عال ملؤه الثقة : " ها هي " أغاثا كريستي " بعثت من جديد بثوب رجل ! ! . ويا ليته اكتفى بحبكته هذه بالألغاز دون الأحاجي والحزازير والطرائف الأمر الذي يصعب معه استعراض كامل ما ذكره طوال صفحاته الستة عشرة ، مع ما في ذلك من إطالة لا طائل لها ، لذا فليعذرنا القارئ على إهمال ذلك ، ونرجو منه رجاءً حارا أن يضع كتاب هذا " الكاتب " بين يديه وأن يفتحه على مصراعيه ، ليقرأ النص الممتد من الصفحة رقم ( 253 ) إلى الصفحة رقم ( 266 ) بتمعّن وبتمهّل ، وليتابع معنا ما سنورده من ملاحظات سنسعى قدر الإمكان أن تكون موجزة ومختصرة . صبرا آل ياسر إن مما أشكل به العلامة المحقق على صاحب " من وحي القرآن " في تفسيره لمعنى قوله تعالى : { وأنا من الضالين } هو : أن موسى ( ع ) لم يكن : " بصدد الاعتراف بالجهل بالنتائج السلبية لما فعله ، فإنه حتى الغبي يدرك النتائج المترتبة على قتل إنسان ، فكيف إذا كان يعلم أن وراء هذا المقتول أمة بأسرها ، بما فيها حاكمها المستكبر المدعي للربوبية " ( 1 ) . وقد جاء هذا الإشكال على قول صاحب " من وحي القرآن " : " { قال فعلتها إذا - أي حينئذٍ - وأنا من الضالين } أي الجاهلين بالنتائج السلبية التي
( 1 ) خلفيات ج 2 ، ص 68 ، وراجع مراجعات في عصمة الأنبياء ص 257 .