سيرى أمورا غريبة وعجيبة . ولكن ليس كل أمر غريب أو عجيب مخالف ظاهرا للشريعة . . فإذا كنا نريد الذهاب إلى مكان ما وسلك بنا المرشد طريقا طويلا شاقا ومتعبا مع وجود الطريق الأقصر والأسهل ، فإن هذا الفعل منه غريب وعجيب ، إلا أنه ليس فيه مخالفة ظاهرة للشرع ، ومع ذلك فقد يكون لهذا المرشد حجته ، ولهذا الفعل حقيقته . . وهكذا . . ب - وينبغي عدم الخلط بين المعاني التي تستظهر من مجمل القصة ، وبين المعاني التي تستظهر من أجزائها . بمعنى آخر : إن القصة ذات شقين منفصلين : الشق الأول : هو الحوار الذي دار بين موسى ( ع ) وبين الخضر ( ع ) قبل بدء الرحلة . الشق الثاني : هو الرحلة وما جرى خلالها . فإذا أردنا أن نسعى لمعرفة دلالة آيات الشق الأول ، - يعني ما تبادر من المعنى إلى ذهن موسى ( ع ) - فينبغي أن نغض النظر عن دلالات آيات الشق الثاني دون أن نجعلها تدخل في فهمنا لدلالات آيات الشق الأول . لأن الشق الثاني عبارة عن أحداث وقعت لاحقا ، وبالتالي ينبغي علينا أن نغض النظر عنها إذا أردنا أن نضع أنفسنا مكان موسى ( ع ) من ناحية فهم دلالات ما ذكره الخضر له ، وأنه لن يصبر على ما لم يحط به خبرا . وهذا الأمر سيجعلنا نقترب أكثر إلى فهم تلك المعاني ، كما نقترب من العيش في أجواء ذلك الحوار وطبيعته . وذلك يعني أنه ينبغي علينا أن نتحسس أكثر طبيعة الحوار وخلفياته ، وأجواءه وحيثياته ، والعلاقة التي تربط بين موسى ( ع ) والخضر ( ع ) دون دخول أي عوامل خارجة عما حصل بعد ذلك الحوار ، لأنه سوف يكون غريبا وأجنبيا عنه وسيضفي - ربما - بعض الدلالات التي هي ليست منه إليه . .