وما نريد قوله هو : إن سؤالنا يتركز حول المقدار المقصوص علينا مما جاء في الآيات الكريمة . . وبناء عليه : يظهر عقم ما ذكره " الكاتب " من أن ما تستهدفه القصة هو الحكم " على القضايا والأحداث بعيدا عن حجية ظواهرها التي هي بمعنى التنجيز والتعذير ، بل إنها تقوم على أساس الباطن المخالف للظاهر ، والعلم اللدني في مقابل العلم الكسبي " [1] . وأشد عقما منه ما تجرأ به " الكاتب " في إضافته إلى قول العلامة المحقق بأن موسى ( ع ) " كان تكليفه الإلهي أن يعترض وأن يسأل وأن يظهر حساسية بالغة لصالح الالتزام بالحكم الشرعي " ( 2 ) ، بإضافة : " لولا الوعد الذي أعطاه بالصبر وعدم السؤال " ( 3 ) ولا يخفى ما في هذا القول الذي أضافه " الكاتب " على كلام العلامة المحقق من جرأة لا سيما على نبي الله موسى ( ع ) لأنه اتهام له بأنه قد نكث بالعهد وأخلف بالوعد وكذب به . . وقد تقدم أنه ( ع ) قد قيد التزامه بالمشيئة ليخرج بذلك عن أن يكون كاذبا . بل إن موسى لم يلتزم بأن لا يعترض على ما ظاهره المخالفة للشريعة ، بل التزم بأن يصبر على أمور عظيمة وصعبة في الدائرة التي لا تتعرض للحكم الشرعي كما سيأتي بيانه بعد قليل . وهو قول الطباطبائي : " لم يخلف بالعهد " كما مرّ . فإذا عرفنا ما في هذه الإجابات من مطاعن ومداخل ندرك أن لا محيص عن الذهاب إلى ما ذهب إليه العلامة المحقق وهو ما سيأتي في الإجابة الثالثة فإلى ما يلي :
[1] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 146 . ( 4 ) خلفيات ج 1 ص 103 . ( 3 ) مراجعات في عصمة الأنبياء ص 147 .