ثم ختم " الكاتب " بالقول : " الرأي الذي اخترتموه ( يقصد العلامة المحقق ) والذي يذهب إلى أن إبراهيم ( ع ) في قوله : { هذا ربي } كان في مقام الاستنكار والاستهزاء ، يعد من أضعف الآراء ، في المسألة ، ولا ينسجم مع ظواهر الآيات والسياق ، ولهذا ذكره الأعلام في آخر ما ذكروه من وجوه محتملة " . [1] وقد بينّا تعسف قول " الكاتب " بأن ما أتى به ( السيد ) فضل الله ، لم يكن بدعا من القول ، وأنه قد سبقه إليه أعلام المذهب ، وسيأتي المزيد فانتظر . ولكن ما يعنينا مما مر هو قوله عن الرأي الذي اختاره العلامة المحقق القائل بأن إبراهيم ( ع ) في قوله { هذا ربي } كان في مقام الاستنكار والاستهزاء ، يعد من أضعف الآراء في المسألة ولا ينسجم مع ظواهر الآيات والسياق ، ولهذا ذكره الأعلام في آخر ما ذكروه من وجوه محتملة ! ! . وكذلك دعواه أن روايات أهل البيت ( ع ) إنما دلّت على الاتجاه القائل بأن ذلك كان في زمان مهلة النظر الذي استوجهه " السيد " وإن لم يختره . فنسجّل على ذلك الملاحظات التالية : 1 - قد تقدم أن العلامة المحقق إنما اختار مقولة " الإحتجاج " و الاستنكار والاستهزاء ، . ومن الواضح إمكانية الجمع بين هاتين المقولتين إذ لا تنافر بينهما ، لذلك قال صاحب " من وحي القرآن " في حديثه عن اتجاه المحاكاة الاستعراضية ، أن ذلك كان منه ( ع ) لإظهار سخافة ما يعتقده قومه . ولا يخفى أن إظهار سخافة هذه المعتقدات هي نوع من أنواع الاستنكار والاستهزاء الذي يساق في إطار المحاججة [2] .
[1] مراجعات في عصمة الأنبياء ص 133 و 134 . [2] وهذا الافتراء والتضليل من الكاتب على العلامة المحقق سيظهر بوضوح في حديثه عن موسى ( ع ) وقتل القبطي ؛ حيث اعترف هناك بأن العلامة المحقق إعتبر قضية إبراهيم ( ع ) بأنها أسلوب من أساليب الحوار الذي كان يهدف منها إبراهيم ( ع ) محاججة قومه . وسيأتيك تفصيل ذلك في الفصل السابع من كتابنا هذا .