< فهرس الموضوعات > تحقير العظيم وتعظيم الحقير < / فهرس الموضوعات > < فهرس الموضوعات > أخطار فوق أخطار < / فهرس الموضوعات > والحق أن قلة اطلاعهم على معارفه ، وضعف استيناسهم بمقاصده ، لا ينازع فيهما إلا من هو أقل علما وأضعف أنسا . ولا أدل على ذلك ولا أوضح من اتباعهم للشاذ والغريب من الأقوال . إذ لا يطلب الشاذ إلا من يريد الزيغ عن الحق ، ولا يطلب الغريب إلا من يريد المخالفة والظهور . تحقير العظيم وتعظيم الحقير من هنا نجد أن ما كان يجب أن يعظم من معانٍ أصيلة . عمدوا إلى تحقيره ، وما كان يجوز أو يجب تحقيره من وسائل مقتبسة ، عمدوا إلى تعظيمه ، وكأنهم يتنافسون في تثبيط العزائم والهمم ، وتمزيق العقول عند مخاطبيهم ، وكأنهم لا يعلمون أنهم لا يعظمون بالتنكر للتراث ، ولا يظهرون بالقدح في أهله وأتباعه . أخطار فوق أخطار ثم إن هذه الحملة على العقيدة وأصولها ، وعلى المفاهيم الدينية فضلا عن كونها تمثل خطرا على الركائز الإيمانية والأسس العقدية للإنسان المؤمن ، فإن لها من ناحية خطرها ، بعدا آخرا يتمثل في دفع الكتّاب والباحثين ، والعلماء والمثقفين للنكوص إلى الخلف للدفاع عن خطوطهم الخلفية ، وأصولهم الفكرية ، بدلا من التقدم إلى الأمام للتصدّي وإبداء الرأي والنظر في المستجدات الفكرية والثقافية والاجتماعية وغيرها ، مما يخاطب عقول الناس ، ويؤثر في سلوكهم وتجربتهم العملية . على أن القضية ليست قضية ضعف في " الخطوط الخلفية الفكرية " للأصل الديني ، بحيث يمكن لأي عابث أن يخلخل بنيانه أو يضعف أركانه ، وإنما القضية هي : أن المتصدين للعبث في مفاهيم الناس الإيمانية ، إنما يعبثون فيها باسم الدين ، ويقدمون ما يقدمونه لهم على أنه الأصل والمعتمد في المفاهيم والمعتقد ، في الوقت الذي لا يعدو أن يكون مجرد آراء غريبة وشاذة لهم ، علما أن الناس إنما يطلبون منهم أن يعرّفوهم - فقط - بما هو متفق