نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 89
فليس من سبيل للإنسان أن يخرج عن دائرة ( القضاء والقدر ) وحكمه القطعي المتقن والدقيق ، وهو لا محالة يعيش ويتحرك ويعمل ويختار في هذه كما ذكرنا . ولكنه يملك مطلق الاختيار دائما أو غالبا في اختيار سبيل من هذه السبل المختلفة التي يجدها أمامه عن معرفة ووعي . المريض إذا اهتم بمرضه وراجع الطبيب واتخذ العلاج يشفى ، وإن أهمل مرضه يتضاعف المرض عنده . والطالب إذا نشط واجتهد ينجح وإذا كسل وأهمل دروسه يفشل . والعامل إذا عمل وتحرك في السوق ، يغنيه الله ، وإذا تهاون في البحث عن العمل يفتقر . والإنسان إذا عاشر الصالحين يصلح ويأخذ منهم الصلاح . وإذا عاشر الفاسدين يأخذ منهم الفساد . وكل هذه النتائج من القضاء والقدر الحتم والمتقن الذي لا سبيل للتشكيك فيه . فإن الانسان الذي يجتهد في طلب العلم يكون عالما بالضرورة والحتم ، وهذا هو ( القضاء ) وتكون معرفته في الحقل الذي اجتهد فيه ، دون غيره من الحقول ، وبمقدار اجتهاده ودراسته ، وهذا هو ( القدر ) . إن اختيار الانسان في المبادئ دائما والأحكام الفعلية التي قلنا إنها من القضاء والقدر هي في النتائج دائما . وهذه المبادئ تستتبع هذه النتائج دائما بصورة قطعية ومتقنة . ولا سبيل للإنسان للتخلص من هذه النتائج القطعية ، وإن كان له مطلق الحرية في اجتناب واحد أو أكثر من هذه السبل في البدء . ولعل الآية الكريمة من سورة الرعد ، لا تكون بعيدة عن هذا المعنى :
89
نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 89