نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 71
وإذا وردت في القرآن آيات كثيرة تحمل معنى الهداية من الله لخلقه والتوفيق والاضلال والخذلان والختم والطبع على القلوب . . . اعتقدوا أن مثل هذه الآيات مناقضة لمبدأ العدل الإلهي ، ولفكرة ( الحرية الفردية ) فإنهم شددوا في وجوب تأويلها جميعا فقالوا في الهداية : إنها على معنى التسمية والحكم والارشاد وإبانة الحق ، وليس له تعالى من هداية القلوب شئ . وقالوا في التوفيق : إنه توفيق عام ، يكون بإظهار الآيات وإرسال الرسل وإنزال الكتب . أما الاضلال : فقد أولوه على معنيين أحدهما : أن الله تعالى أضل ، بمعنى : أسماه ضالا ، أو أخبر أنه ضال . والثاني : على معنى أنه جازاه على ضلالته ، وكذلك الخذلان معناه التسمية أو الحكم بأنهم مخذولون ، وليس الاضلال والاغواء والصد عن الباب . . . وكان ( الفوطي ) وتلميذه عباد بن سليمان أكثر المعتزلة تشددا في هذا الأمر ، فإن الفوطي كان يمنع إضافة بعض الأفعال إلى الله تعالى ، ولو ورد بها التنزيل ، فلا يجب أن نقول أنه تعالى يؤلف بين قلوب المؤمنين ، بل هم المؤتلفون باختيارهم ، ولا أنه تعالى يحبب إليهم الإيمان ، ويزينه في قلوبهم ، ولا أنه يضل الفاسقين [1] . وإذا كان التصور الأول يمس ( عدل ) الله تعالى فإن هذا التصور يمس