نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 31
نقد الحتمية التاريخية : ومهما يكن من أمر هذه الحتميات المادية في تفسير التاريخ ، فإن منها ما هو حق ومنها ما هو باطل ، بغض النظر عن التفاصيل الدقيقة الواردة في النظرية . أما الحق فهو ربط التاريخ بالقوانين العلمية والعلل والأسباب التي تستوجب حركة التاريخ . والحدث التاريخي - كأي ظاهرة أخرى في الكون - يخضع للأسباب والعلل الموجبة له . إذن قانون العلية يحكم الحدث التاريخي كما يحكم الظاهرة الفيزيائية والكيميائية والميكانيكية بشكل دقيق في كل أصولها العقلية المعروفة كالحتمية والسنخية وغير ذلك . وهذا هو الحق ولا يمكن التشكيك فيه ، عدا النظرية الماركسية التي تنفي قانون العلية رأسا وتضع محلها النظرية المادية الديالكتيكية التي اقتبستها من ( هيگل ) . أما الباطل في هذه النظريات فهو نفي الإنسان وقراره المستقل في صناعة التاريخ ، واعتبار الانسان خشبة عائمة على أمواج التاريخ القهرية ، وتقرير مصير واحد للتاريخ والانسان ، لا يتعدد ، ولا يختلف . وهذا باطل بالتأكيد ، فإن الانسان ( الفرد ، والمجتمع ، والتاريخ ) لا يقع على طريق علة واحدة فقط ، وإنما على مفترق طرق غالبا ، واختيار نوع الطريق يرتبط بإرادته ووعيه وثقافته وقراره إلى حد كبير جدا ، فإذا سلك أحد هذه الطرق بموجب إرادته وقراره ورأيه لم يكن له أن يتخلص من الآثار القهرية
31
نام کتاب : الأمر بين الأمرين نویسنده : مركز الرسالة جلد : 1 صفحه : 31