نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 89
في حقهما ، فلا يكون عدم استحيائه سبحانه من التمثيل بالبعوضة ردا على اعتراضهم . وأما الثاني ، فقد ورد ضرب المثل بالذباب والعنكبوت في مكة المكرمة ، لأن الأول ورد في سورة الحج ، وهي سورة مكية ، والآخر ورد في سورة العنكبوت ، وهي أيضا كذلك . وهذه الآية نزلت في المدينة ، فكيف تكون الآية النازلة في مهجر النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جوابا على اعتراض المشركين في موطنه ؟ وعلى كل تقدير فالآية بصدد بيان أن الملاك في صحة التمثيل ليس ثقل ما مثل به أو كبره ، فلا التمثيل بالبعوضة عيب ولا التمثيل بالإبل والفيل كمال ، وإنما الكمال أن يكون المثل مبينا لحقيقة وواقعة غفل عنها المخاطب من دون فرق بين كون الممثل صغيرا أو كبيرا . وبعبارة أخرى : إذا كان الغرض التأثير فالبلاغة تقضي بأن تضرب الأمثال لما يراد تحقيره بحقيرها ولما يراد التنفير بما اعتادت النفوس النفور منها ، فالملاك هو كون المثل مفيدا لما يريد المتكلم تحقيقه ، من غير فرق بين حقير الأشياء وكبيرها ، وهو سبحانه يشير إلى ذلك المعنى بقوله : ( إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة ) ( بل ) فوقها في الصغر كالجراثيم التي لا ترى إلا بالمجهر ، كما تقول : فلان لا يبالي أن يبخل بنصف درهم فما فوقه أي مما فوقه في القلة . ولو أريد ما فوقه في الكثرة يقول مكانه " فضلا عن الدرهم والدرهمين " . فما في كلام بعض المستشرقين من أن الصحيح أن يقول " فما دونه " غير تام . للفرق بين قوله : " فما فوقه " وقوله " فضلا " والأول بقرينة المقام بمعنى فما فوقه في الصغر والحقارة لا بمعنى " فضلا " . وربما تفسر الآية بأنه لا يستحيي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها في
89
نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 89