نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 39
المجتمع المكي لا سيما وأن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان يجادل المشركين ويسفه أحلامهم ويدعوهم إلى الإيمان بالله وحده ، وترك عبادة غيره ، والإيمان باليوم الآخر ، ففي خضم هذا الصراع يأتي القرآن بأروع مثل ويشبه آلهتهم المزعومة التي تمسكوا بأهدابها ببيت العنكبوت الذي لا يظهر أدنى مقاومة أمام النسيم الهادي ، وقطرات المطر ، وهبوب الرياح . يقول سبحانه : ( مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون ) . ( 1 ) فقد شبه آلهتهم التي اتخذوها حصونا منيعة لأنفسهم بخيوط العنكبوت ، وبذلك صغرهم وذللهم . كما أنه سبحانه في آية أخرى شبه آلهتهم بالذباب ، وقال : ( يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب ) . ( 2 ) فقد كانت قريش تعبد 360 إلها يطلونها بالزعفران فيجف ، فيأتي الذباب فيختلسه فلا يقدرون عن الدفاع عن أنفسهم ، ففي هذا الصدد ، قال سبحانه : ( ضعف الطالب والمطلوب ) أي الذباب والمدعو . فأي مثل أقرع من تشبيه آلهتهم بهذه الحشرة الحقيرة . ولقد مضى على الناس منذ ضرب لهم كتاب الإسلام هذا المثل أربعة عشر قرنا ، وما يزال المثل القرآني يتحدى كل جبروت الغزاة وعبقرية العلماء ، وما يزال على الذين غرهم الغرور بما حقق إنسان العصر الحديث من معجزات العلم ، أن ينسخوا ذلك ، بأن
1 - العنكبوت : 41 . 2 - الحج : 73 .
39
نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 39