نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 139
ذلك للبخل منه سبحانه ، بل لفقدان الأرضية الصالحة ، لأنه أخلد إلى الأرض ولصق بها ، وكأنها كناية عن الميل والنزوع إلى التمتع بالملاذ الدنيوية ، ومعه كيف تشمله العناية الربانية . ثم إنه سبحانه يشير إلى وجه آخر لعدم تعلق مشيئته بهدايته ، وهو أن هذا الإنسان بلغ في الضلالة والغواية مرحلة صارت سجية وطبيعة له ، ومزج بها روحه ونفسه وفطرته ، فلا يصدر منه إلا التكذيب والإدبار عن آياته ، فلذلك لا يؤثر فيه نصيحة ناصح ولا وعظ واعظ ، ولتقريب هذا الأمر نأتي بتمثيل في ضمن تمثيل ، ونقول : ( فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ) ، وذلك لأن اللهث أثر طبيعي لسجيته فلا يمكن أن يخلص نفسه منها . هذا هو المشبه به ، وهو يعرب عن أن الهداية والضلالة بيد الله تبارك وتعالى ، وقد تعلقت مشيئته بهداية الناس بشرط أن تتوفر فيه أرضية خصبة تؤهله لتعلق مشيئته تعالى به ، فمن أخلد إلى الأرض ولصق بها ، أي أخلد إلى المادة والماديات ، فلا تشمله الهداية الإلهية بل هو محكوم بالضلال لكن ضلالا اختياريا مكتسبا . هذا هو حال المشبه به ، وقد عرفت أن التمثيل يتضمن تمثيلا آخر . وأما المشبه فقد اختلفت كلمة المفسرين فيه ، فربما يقال : إن المراد أمية بن أبي الصلت الثقفي الشاعر ، وكانت قصته أنه قرأ الكتب وعلم أن الله سبحانه يرسل رسولا في ذلك الوقت ، ورجا أن يكون هو ذلك الرسول ، فلما بعث سبحانه محمدا حسده ومر على قتلى بدر فسأل عنهم ، فقيل : قتلوا في حربهم مع النبي ، فقال : لو كان نبيا لما قتل أقرباءه ، وقد ذهب إلى الطائف ومات بها ،
139
نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 139