نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 104
وما ذكرنا هو المستفاد من الآيات وقد صرح به الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) في بعض خطبه : قال : " لا يقولن أحدكم : اللهم إني أعوذ بك من الفتنة ، لأنه ليس أحد إلا وهو مشتمل على فتنة ، ولكن من استعاذ فليستعذ من مضلات الفتن ، فإن الله سبحانه يقول : ( واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة ) ومعنى ذلك أنه يختبرهم بالأموال والأولاد ليتبين الساخط لرزقه والراضي بقسمه ، وإن كان سبحانه أعلم بهم من أنفسهم ، ولكن لتظهر الأفعال التي بها يستحق الثواب والعقاب " . ( 1 ) إلى هنا تبين معنى مفردات الآية وسبب نزولها والآيات التي وردت في هذا الصدد في حق سائر الأمم . إذا عرفت ذلك فلنرجع إلى تفسير الآية . يقول سبحانه : إن الابتلاء بالبأساء والضراء سنة إلهية جارية في الأمم كافة ولا تختص بالأمة الإسلامية ، فالتمحيص وتمييز المؤمن الصابر عن غير الصابر رهن الابتلاء . فلا يتمحض إيمان المسلم إلا إذا غربل بغربلة الامتحان ليخرج نقيا . ولا يترسخ الإيمان في قلبه إلا من خلال الصمود والثبات أمام أعاصير الفتن الهوجاء . وكأن الآية تسلية لنبيه وأصحابه مما نالهم من المشركين وأمثالهم ، لأن سماع أخبار الأمم الماضية يسهل الخطب عليهم ، وأن البلية لا تختص بهم بل تعم غيرهم أيضا ، ولذلك يقول : ( أم حسبتم ) أي أظننتم وخلتم أيها المؤمنون أن تدخلوا الجنة ( ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم ) ، أي أن تدخلوا الجنة ولما تبتلوا وتمتحنوا بمثل ما ابتليت به الأمم السالفة وامتحنوا به . فعليكم بالصبر والثبات كما صبر هؤلاء وثبتوا .
1 - نهج البلاغة : قسم الحكم : الحكمة 93 .
104
نام کتاب : الأمثال في القرآن الكريم نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 104