ولداه ، فضلا عن الاعتماد على غيرهم كالذين ذكرهم ؟ وإن أريد من المنازعة مخالفة أبي بكر والمطالبة بحقه فهذا ما قد فعله ، فقد امتنع مدة حياة فاطمة عليها السلام عن البيعة ، كما لم يأمرها بالبيعة حتى توفيت ، مع علمه بأن " من بات وليس في عنقه بيعة أمام فمات مات ميتة جاهلية " بل إنه حملها - والحسنين - مستنصرا وجوه المسلمين فلم ينصروه ، كما رواه غير واحد من المؤرخين [1] وذكره معاوية في كتاب له إلى أمير المؤمنين . هذا ، ولا يخفى ما في عبارة الكتاب من التناقض ، فهو في الوقت الذي يدعي الإجماع على خلافة أبي بكر يعترف بكون فاطمة وولديها والعباس والزبير وأبي سفيان والأنصار . . مع أمير المؤمنين عليه السلام ! ! اللهم إلا أن يريد من " الإجماع " عمر بن الخطاب الذي انعقدت ببيعته خلافته ! ! ومما يشهد بوجود المخالفين والكارهين خلافة أبي بكر تفسير بعض المحشين على الكتاب قول عمر : " كانت بيعة أبي بكر فلتة وقى الله شرها . . " بأن " معنى وقى الله شرها : شر الخلاف الذي كان يظهر من المهاجرين والأنصار . . " [2] . ومما يشهد بعدم انعقاد الإجماع على إمامته لجوء بعضهم تارة إلى دعوى النص عليه وأخرى إلى دعوى العصمة له . فتلخص أن لا نص على أبي بكر كما اعترف ولا إجماع كما عرفت ، وليس غيرهما طريق كما قال ! قوله ( 354 ) : ( وكلام الشيعة في إثبات إمامة علي يدور على أمور ، أحدها : أن الإمام يجب أن يكون معصوما لما مر ، وأبو بكر لم يكن معصوما اتفاقا . والواجب منع وجوب العصمة ، وقد تقدم ) .
[1] الإمامة والسياسة : 13 ، شرح نهج البلاغة عن الجوهري . [2] لاحظ هامش : 358 .