بإمام ظاهر قاهر . . ) أقول : قد عرفت أن " الإمامة " نيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وخلافة عنه في كل ما لأجله بعث ، فهي من توابع " النبوة " وفروعها ، فكل دليل قام على وجوب بعث النبي وإرسال الرسول فهو دال على وجوب نصب الإمام النائب عنه والقائم مقامه في وظائفه . . . ومن ذلك قاعدة اللطف ، وهو : ما يقرب العبد إلى الطاعة ويبعده عن المعصية ، ولاحظ له في التمكين ، ولا يبلغ الالجاء ، لتوقف غرض اللطف عليه ، فإن المريد لفعل من غيره إذا علم أنه لا يفعله إلا بفعل يفعله المريد من غير مشقة لو لم يفعله لكان ناقضا لغرضه ، وهو قبيح عقلا [1] ولا ريب في أن " الإمام " كذلك مثل " النبي " . فنصب الإمام واجب على الله كبعث النبي ، لتكون * ( لله الحجة البالغة ) * [2] و * ( لئلا يكون للناس على الله حجة ) * [3] و * ( ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة ) * [4] . وحينئذ لا يقال : " أنه لا وجوب عليه تعالى ، ولا حكم للعقل في مثل ذلك " لأن معنى هذا الوجوب العقلي درك العقل حسن إرسال الرسول ونصب الإمام ، إذ بذلك يعرف الله ويعبد ، وهذا هو الغرض من الخلقة حيث قال سبحانه : * ( وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) * [5] ، ولو تركه لكان ناقضا لغرضه فسقط منع وجوب اللطف ، ولعل منشأ المنع هو الغفلة عن حقيقة
[1] الباب الحادي عشر : 35 . [2] سورة الأنعام : 149 . [3] سورة النساء : 165 . [4] سورة الأنفال : 42 . [5] سورة الذاريات : 56 .